يحصل للمكلّف العاجز عن القيام علم إجمالي دائر بين طرفين ، أحدهما وجوب الصلاة الناقصة في الوقت ، والآخر وجوب الصلاة التامّة خارج الوقت أي بعد ارتفاع عذره.
والوجه في ذلك : أنّ دليل الجزئيّة إن كان مطلقا حتّى لحالة العجز فلا تكليف عليه بالصلاة أصلا في الوقت ؛ لأنّه غير قادر على الإتيان بالصلاة التامّة فيه ، والمفروض أنّ الصلاة الناقصة لا تكفي ، وإن كان مختصّا بحالة التمكّن فقط فهو مكلّف بالصلاة الناقصة حال العجز في الوقت.
وهذا العلم الإجمالي دائر بين المتباينين فيكون منجّزا لهما ، وبالتالي يجب الاحتياط بالإتيان بالصلاة الناقصة في الوقت والصلاة التامّة خارج الوقت ، فتتحقّق الموافقة القطعيّة حينئذ.
وليعلم أنّ الجزئيّة في حال النسيان أو في حال التعذّر إنّما تجري البراءة عند الشكّ فيها إذا لم يكن بالإمكان توضيح الحال عن طريق الأدلّة المحرزة ، وذلك بأحد الوجوه التالية :
أوّلا : أن يقوم دليل خاصّ على إطلاق الجزئيّة أو اختصاصها ، من قبيل حديث « لا تعاد الصلاة إلا من [ خمسة ] » (١).
وهنا تنبيه ، وحاصله أن يقال : إنّ ما تقدّم من كلام كان بلحاظ الأصول العمليّة حين الانتهاء إليها.
وأمّا مقتضى الأصل اللفظي في المقام فهو يتحدّد وفقا لما يدلّ عليه هذا الدليل ، ومعه لا مجال للأصول العمليّة أصلا ، وهذا واضح ؛ لأنّ الأصول العمليّة تحدّد الوظيفة عند الشكّ في الحكم وعدم وجود دليل عليه ، فمع وجود الدليل المحرز على الحكم الشرعي يؤخذ به ويرتفع موضوع الأصل حقيقة.
فالكلام إذن عن الأصل اللفظي ، وهذا يمكن بيانه بأحد الوجوه التالية :
الوجه الأوّل : أن يقوم دليل من الخارج يدلّ على أنّ هذه الجزئيّة للجزء مطلقة أو أنّ جزئيّة الجزء مختصّة بحال التمكّن والتذكّر فقط ، من قبيل الحديث المشهور « لا تعاد الصلاة إلا من خمس ... » فإنّه يدلّ على أنّ هذه الأجزاء الخمسة تجب إعادة
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤ : ٣١٢ ، أبواب القبلة ، ب ٩ ، ح ١.