الصلاة فيها أي بسببها ، فإذا لم تكن موجودة كلاّ أو بعضا فالصلاة تجب أن تعاد ، وهذا معنى كون جزئيتها مطلقة وشاملة لحالتي النسيان والتعذّر أيضا.
وأمّا غير هذه الخمس فالصلاة لا تعاد فيها أي أنّه إذا نسيها أو تعذّرت فلا تجب إعادة الصلاة بسببها ، وهذا يعني أنّ جزئيّتها مختصّة بحال التمكّن والتذكّر فقط ، فلا تجب الإعادة ويكتفى بما أتى به من صلاة ناقصة.
ثانيا : أن يكون لدليل الجزئيّة إطلاق يشمل حالة النسيان أو التعذّر فيؤخذ بإطلاقه ، ولا مجال حينئذ للبراءة.
الوجه الثاني : أن يكون لنفس الدليل الدالّ على جزئيّة الجزء إطلاق يشمل حالتي النسيان والعجز ، فهنا يؤخذ بإطلاق هذا الدليل لإثبات كون المركّب الفاقد للجزء غير مأمور به ، وأنّه لا بدّ من الإعادة مع الجزء عند ارتفاع النسيان أو العجز ، من قبيل : « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » الدالّ على أنّ جزئيّة الفاتحة مطلقة لجميع الحالات وليست مختصّة بحال دون آخر.
ثالثا : ألاّ يكون لدليل الجزئيّة إطلاق بأن كان مجملا من هذه الناحية ، وكان لدليل الواجب إطلاق يقتضي في نفسه عدم اعتبار ذلك الجزء رأسا.
ففي هذه الحالة يكون دليل الجزئيّة مقيّدا لإطلاق دليل الواجب بمقداره ، وحيث إنّ دليل الجزئيّة لا يشمل حال التعذّر أو النسيان فيبقى إطلاق دليل الواجب محكّما في هاتين الحالتين ودالاّ على عدم الجزئيّة فيهما.
الوجه الثالث : ألاّ يكون هناك دليل من الخارج يدلّ على الإطلاق لهذا الجزء ، ولا يكون نفس دليل الجزئيّة مطلقا أيضا بأن كان مجملا ، فهنا سوف نواجه دليلين هما : دليل جزئيّة الجزء المجمل ، ودليل الأمر بالمركّب الواجب.
أمّا دليل الأمر بالمركّب الواجب فهو من قبيل قوله : ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) الدالّ بإطلاقه على وجوب إقامة الصلاة بأركانها المقوّمة لها في جميع الحالات ، وهذه الأركان المقوّمة للصلاة هي : ( تكبيرة الإحرام والفاتحة والركوع والسجود والتسليم ) ، فهذه تجب إقامتها مطلقا في جميع الحالات ، سواء كان الجزء موجودا أم لا وسواء نسيه أو عجز عنه أم لا.
وأمّا دليل الأمر بالجزء فهو مقيّد لإطلاق الأمر بالصلاة الشامل للصلاة مع هذا الجزء وللصلاة من دونه ، ويخصّصه بالصلاة المقيّدة بهذا الجزء.