حينئذ ، بل يتعيّن أن يكون قوله : ( فرأيت فيه ) مفيدا للشكّ في أنّ هذه النجاسة التي رآها إمّا كانت سابقة على الصلاة أو طارئة وبالتالي يكون جريان الاستصحاب حال السؤال.
وإن كان قوله أخيرا : ( فرأيت فيه ) ظاهرا في رؤية النجاسة التي فحص عنها ولم يجدها ، فهذا يعني حصول العلم بسبق النجاسة على الصلاة ، والعلم أيضا بأنّه قد أوقع الصلاة كاملة مع النجاسة ، وهذا يمنع من جريان الاستصحاب حال السؤال لأنّه يعلم بانتقاض الطهارة بعد الصلاة.
وعليه فيتعيّن أن يكون قوله : ( فنظرت فلم أر شيئا ) مفيدا للشكّ في الإصابة واحتمالها ، لا الجزم بعدم النجاسة ، ولذلك يكون الاستصحاب جاريا حال الصلاة عند الشروع فيها.
فالحاصل : أنّ تعيين مورد جريان الاستصحاب وأنّه حال الصلاة أو حال السؤال مرتبط باستظهار أحد هذين التفسيرين لكلام زرارة ، ولذلك نقول :
والصحيح : أنّه لا موجب لحمل قوله : « فرأيت فيه » على رؤية ما يعلم بسبقه ، فإنّ هذه عناية إضافيّة تحتاج إلى قرينة عند تعلّق الغرض بإفادتها ، ولا قرينة ، بل حذف المفعول بدلا عن جعله ضميرا راجعا إلى النجاسة المعهود ذكرها سابقا يشهد لعدم افتراض اليقين بالسبق.
وعليه فالاستصحاب جار بلحاظ حال السؤال ، ويؤيد ذلك أنّ قوله : « فنظرت فلم أر شيئا » وإن لم يكن له ظهور في حصول اليقين ، ولكنّه ليس له ظهور في خلاف ذلك ؛ لأنّ إفادة حصوله بمثل هذا اللسان عرفيّة ، فكيف يمكن تحميل السائل افتراض الشكّ حال الصلاة وإفتاؤه بجريان الاستصحاب حينها؟
والصحيح : هو أنّ الاستصحاب يجري حال السؤال لا حال الصلاة ، والوجه في ذلك هو : أنّ إجراء الاستصحاب حال الصلاة معناه أنّ قوله : ( فرأيت فيه ) ظاهر في رؤية نفس النجاسة التي ظنّ إصابتها والتي فحص عنها ولم يجدها ، إلا أنّ هذا الاستظهار بعيد ولا دليل عليه بل الدليل على خلافه ؛ وذلك لأنّ إرادة رؤية نفس النجاسة السابقة من هذا التعبير وحده لا تكفي بل لا بدّ من ذكر ما يدلّ على ذلك ، كأن يقول مثلا : « فرأيتها فيه » أو يقول : « فوجدته فيه » كما هو الحال في السؤال