الشروع في الصلاة كان متيقّنا بعدم نجاسة الثوب نتيجة الفحص وعدم الرؤية ، وعلى أن يكون قوله : ( فرأيت فيه ... ) دالاّ على الشكّ في أنّ هذه النجاسة التي رآها بعد الصلاة هي نفس النجاسة التي فحص عنها ولم يجدها قبل الشروع أو أنّها نجاسة أخرى طارئة.
فإذا تمّ استظهار هذين المقامين كانت أركان قاعدة اليقين تامّة ومتوفّرة في سؤال السائل ، فيكون جواب الإمام ناظرا إلى القاعدة.
إلا أنّ الصحيح عدم إمكان استفادة ذلك ؛ لأنّ القول الأوّل لا يستفاد منه عرفا اليقين بعدم النجاسة لا بالمطابقة ولا بالالتزام ؛ لأنّ عدم وجدان النجاسة بعد الفحص كما يحتمل فيه حصول اليقين بعدم النجاسة كذلك يحتمل فيه عدم الظنّ بالإصابة ، أي أنّ الظنّ بالإصابة قد زال بعد الفحص وعدم الرؤية ، وحلّ مكانه الشكّ والاحتمال للإصابة لا أكثر ، وحيث إنّ كلا الأمرين محتمل فلا يمكن تعيين أحدهما من القول المذكور.
وأمّا القول الثاني : وهو الشكّ في أنّ هذه النجاسة كانت سابقة أو أنّها طارئة ، فيمكن التسليم به ؛ لأنّ قوله : ( فرأيت فيه ) يحتمل فيه كلا الأمرين.
فالركن الثاني وهو الشكّ متوفّر إلا أنّ الركن الأوّل وهو اليقين الذي سرى إليه هذا الشكّ وهدمه غير متوفّر.
وبهذا يتعيّن النظر إلى الاستصحاب لا قاعدة اليقين.
الجهة الثانية : أنّ الاستصحاب هل أجري بلحاظ حال الصلاة أو بلحاظ حال السؤال؟
وتوضيح ذلك : أنّ قوله : « فرأيت فيه » إن كان ظاهرا في رؤية نفس ما فحص عنه سابقا فلا معنى لإجراء الاستصحاب فعلا ، كما أنّ قوله : « فنظرت فلم أر شيئا » إذا كان ظاهرا في حصول اليقين بالفحص فلا معنى لجريانه حال الصلاة.
الجهة الثانية : في أنّ الاستصحاب هل يجري حال الصلاة أو حال السؤال؟
والجواب عن هذا السؤال يرتبط بتفسير ما ورد في كلمات زرارة أوّلا وآخرا.
فقوله أوّلا : ( فنظرت فلم أر شيئا ) إذا كان ظاهرا في حصول اليقين بعدم النجاسة بعد الفحص فهذا يعني أنّه لا شكّ لديه حال الصلاة ، فلا معنى لجريان الاستصحاب