اليقين بعدم الإصابة عند الفحص وعدم الوجدان ، والشكّ عند رؤية النجاسة بعد الصلاة في أنّها نجاسة سابقة على الصلاة أو طارئة ، إلا أنّ هذا لا يتناسب مع استغراب زرارة لحكم الإمام بعدم الإعادة ؛ وذلك لأنّ الحكم بصحّة الصلاة وعدم إعادتها يكون مطابقا للأصول والقواعد حيث إنّه بعد الفراغ من العمل شكّ في أنّه هل أتى بالصلاة مع النجاسة أو لا؟
وفي مثل هذا المورد تجري قاعدة الفراغ والتجاوز والصحّة ، فيكون الحكم بالصحّة هو المتوقّع والمترقّب ، وحينئذ ما الداعي لأن يستغرب زرارة هذا الحكم بقوله ( ولم ذلك؟ ) بل استغرابه بعيد خصوصا وأنّه ذاك الإنسان المتفقّه العالم؟!
وأمّا إذا أجرينا الاستصحاب حال الصلاة فيكون قد دخل في الصلاة بطهارة استصحابيّة تعبّديّة ، ثمّ بعد الفراغ من الصلاة رأى النجاسة وتيقّن بأنّها نفس النجاسة التي فحص عنها ولم يجدها ، وظلّ شاكّا بإصابتها أو ظانّا بذلك.
وحينئذ يكون حكم الإمام بعدم الإعادة مستغربا ؛ لأنّه مخالف للقواعد التي تجري في المقام ، إذ المفروض أنّه لمّا تيقّن بأنّ النجاسة التي رآها بعد الصلاة كانت موجودة قبل الشروع بها ، فسوف تكون الصلاة باطلة ؛ لأنّها وقعت مع النجاسة واقعا ، فالحكم بالصحّة يكون مستغربا ، ولذلك سأل عن علّة ذلك ، فأجيب بأنّه قد صلّى وهو على يقين من الطهارة ولا ينبغي له أن ينقض اليقين بالشكّ.
وبهذا يظهر أنّ استغراب زرارة قرينة على أنّ الاستصحاب يجري حال الصلاة لا حال السؤال.
ويؤيّد ذلك : أنّه في السؤال الثاني سأله عن العلم الإجمالي بالإصابة والجهل بالموضع ثمّ الفحص وعدم الوجدان وبعد الصلاة رأى النجاسة وأنّها نفس النجاسة المعلومة إجمالا ، وأجابه الإمام بالإعادة.
وفي مقامنا لمّا سأله عن الظنّ بالإصابة والفحص وعدم الوجدان ثمّ وجدان النجاسة بعد الصلاة وأنّها نفس النجاسة المظنونة أجابه الإمام بعدم الإعادة.
فكأنّ زرارة وجد أنّ حال الظنّ بالإصابة كحال العلم الإجمالي بالإصابة يجب أن يكون حكمهما واحدا ، فلمّا اختلف الحكم استغرب وسأل عن تعليله.
ولكن يمكن الردّ على هذا الاستبعاد : بأنّه لا يمتنع أن يكون ذهن زرارة مشوبا