نقضا لليقين أي ينقض ما هو مستحكم ومبرم ، لا أنّه ينقض المتعلّق والمتيقّن فإنّه ثابت في أفق نفس المتيقّن حتّى لو كان خطأ وغلطا.
ولذلك لا يكون اليقين طريقا وكاشفا ومرآة ، بل تلك الصفة النفسانيّة فيكون اليقين موضوعيّا.
وإن كان المقصود أخذ اليقين معرّفا وكناية عن المتيقّن فهو أمر معقول ومقبول عرفا ، ولكنّه بحاجة إلى قرينة ، ولا قرينة في المقام على ذلك لا خاصّة ولا عامّة ، أمّا الأولى فانتفاؤها واضح ، وأمّا الثانية فلأنّ القرينة العامّة هي مناسبات الحكم والموضوع العرفيّة وهي لا تأبى في المقام عن دخل اليقين في حرمة النقض.
الثاني : أن يكون المراد من اليقين المتيقّن ، بمعنى أنّ اليقين الوارد في ألسنة الروايات قد أخذ معرّفا عن المتيقّن بنحو الكناية والتي هي من أفراد المجاز بسبب علاقة الإضافة بينهما.
فهذا وإن كان معقولا في نفسه إذ لا محذور في إطلاق اليقين وإرادة المتيقّن على أساس ملاحظة اليقين بالحمل الشائع ، ومقبولا في العرف على أساس أنّ أهل اللغة والمحاورات العرفيّة يستعملون مثل ذلك من باب المجاز والكناية للمناسبة والعلاقة بين الأمرين.
إلا أنّ إرادة هذا المعنى من الروايات الدالّة على الاستصحاب تحتاج إلى وجود قرينة معيّنة لهذا الاستظهار ، إذ المستظهر بدوا من هذه الألسنة التي ورد اليقين فيها كونه بما هو صفة استحكام في النفس ، أي بما هو ملحوظ بالحمل الأوّلي كمفهوم ذهني يتصوّر مستقلاّ عن متعلّقه.
وهذه القرينة المدّعاة إمّا أن تكون قرينة خاصّة ، وإمّا عامّة ، وكلاهما منتف هنا.
أمّا القرينة الخاصّة فانتفاؤها واضح ؛ إذ لا يوجد في الروايات التي ذكرت كبرى الاستصحاب ما يدلّ على أنّه مأخوذ بالحمل الشائع ، أي حاكيا عن متعلّقه وكناية عن المتيقّن.
وأمّا القرينة العامّة فهي وحدة المناط أو مناسبات الحكم والموضوع ، والتي هي من القرائن العرفيّة العامّة التي تعطي ضوءا وتفسيرا للمقصود والمراد الجدّي في كلام المتكلّم ، والتي من شأنها التوسعة أو التضييق أيضا.