بنحو الموضوعيّة ، فلا بدّ من أن يكون دخيلا بعنوانه في الاستصحاب ، إلا أنّ اليقين له جهات أربع ، وهي :
١ ـ جهة الصفتيّة والتي هي الإذعان والتصديق القلبي.
٢ ـ جهة الكاشفيّة والطريقيّة عن المتعلّق.
٣ ـ جهة المحرّكيّة والباعثيّة نحو الغرض أو المقصود.
٤ ـ جهة المنجّزيّة والمعذّريّة أي الحجّة.
وهنا اليقين مأخوذ بما هو حجّة ومنجّز للحالة السابقة والحدوث ؛ لأنّ هذا هو المهمّ من جهات اليقين ، ولذلك فيكون مأخوذا بما هو مصداق لعنوان الحجّة ، وعليه فالأمارة الدالّة على الحدوث تكفي لجريان الاستصحاب أيضا ؛ لأنّها تحقّق مصداقا آخر لعنوان الحجّة.
وهذا يعني الورود أي أنّ دليل حجّيّة الأمارات يكون واردا على الحكم الذي أخذ في موضوعه اليقين بمعنى الحجّة ؛ لأنّه يوجد فردا حقيقيّا من أفراد الحجّة.
وهنا لا يشترط النظر أو إحرازه ؛ لأنّ الورود أمر تكويني واقعي سواء كان الدليل ناظرا إليه أم لا ؛ لأنّ الأمر الواقعي يتحقّق بوجود سببه وعلّته ولا يشترط معرفة المتكلّم بذلك.
والحاصل النهائي أن يقال : إنّ مفاد دليل الاستصحاب على هذا المعنى هو ( لا تنقض الحجّة بالشكّ ) ، وكما أنّ اليقين يكون مصداقا للحجّة فكذلك الأمارة تحقّق مصداقا حقيقيّا للحجّة ، فتكون الأمارة الدالّة على الحدوث دالّة على حدوث الحجّة كاليقين ، وهذه الحجّة يتعبّدنا الاستصحاب ببقائها وعدم جواز نقضها.
ويختلف هذا الوجه عن سابقه بالاعتراف بركنيّة اليقين ، وعن الأوّل بأنّ دليل حجّيّة الأمارة على هذا يكون واردا على دليل الاستصحاب ؛ لأنّه يحقّق فردا من الحجّة حقيقة ، وأمّا على الوجه الأوّل فدليل الاستصحاب حاكم لا وارد.
والفرق بين هذا الوجه وبين الوجهين السابقين هو : أنّ هذا الوجه يعترف بركنيّة اليقين بالحدوث ، لكنّه يعطي اليقين معنى يشمل الأمارة أيضا وهو الحجّة.
بينما الوجه الثاني أنكر ركنيّة اليقين بالحدوث على أساس أنّ اليقين الوارد في لسان الأدلّة هو ما يكون مرآة وكاشفا وطريقا إلى المتعلّق والمتيقّن ، وهذا ما يشمل