أو الشكّ في أنّ ما قامت عليه الأمارة حدوثا لم يكن له غاية وأمد ورافع مفترض شرعا لكي يكون استمراره مغيّا به ، فيكون الشكّ في بقائه من جهة أخرى غير الشكّ في تحقّق الرافع ، والغاية بنحو الشبهة الموضوعيّة أو الحكميّة.
مثال ذلك : أن تقوم الأمارة على وجوب الجلوس في المسجد إلى زوال الشمس ، ثمّ بعد تحقّق الزوال نشكّ في بقاء وجوب الجلوس أيضا.
فهاهنا دليل حجّيّة الأمارة يعبّدنا بالمدلول المطابقي وهو وجوب الجلوس إلى الزوال ، أي أنّ هذا الوجوب ثابت ومستمرّ إلى الزوال ، فإذا تحقّق الزوال ارتفع وجوب الجلوس المذكور للعلم بتحقّق غايته فعلا.
ولا يوجد مدلول التزامي لهذه الأمارة لكي يعبّدنا به دليل الحجّيّة ؛ لأنّ وجوب الجلوس بعد الزوال غير معلوم إذ هو مسكوت عنه نفيا وإثباتا ، بل وجوب الجلوس إلى ما بعد الزوال المدلول عليه بالمطابقة يعلم بانتفائه ؛ لأنّه مقيّد بالزوال ، ووجوب آخر غيره مماثل له يحتاج إلى دليل خاصّ.
وعليه فلا يوجد لدينا أكثر من وجوب الجلوس إلى الزوال ، وهذا ثابت بالأمارة.
وهنا التعبّد بدليل الحجّيّة للأمارة لا يفيدنا أكثر من ذلك ، فإذا شككنا في وجوب الجلوس بعد الزوال فهذا الشكّ لا يمكن علاجه لا بأصل موضوعي ولا بأصل حكمي.
أمّا الأصل الموضوعي فلأنّ الوجوب قبل الزوال علم بارتفاعه بعد الزوال ، فالمشكوك وجوب آخر لم يكن حادثا سابقا.
وأمّا الأصل الحكمي فلأنّ دليل الحجّيّة للأمارة لا يعبّدنا بأكثر من الملازمة بين الوجوب والبقاء إلى الزوال ، وأمّا بعد الزوال فالشكّ في أمر آخر غير ما هو ثابت بالملازمة.
ولا يمكن علاج هذا الشكّ إلا بما تقدّم سابقا من تخريجات إن تمّت ؛ لأنّ الإشكال هنا مستحكم ، إذ لو كان اليقين بالحدوث ركنا في الاستصحاب فلا يمكن جريان استصحاب وجوب الجلوس قبل الزوال إلى ما بعد الزوال ؛ لأنّ حدوث هذا الوجوب لم يكن باليقين ، بل بالأمارة أي أنّه لا يقين بالحدوث.
ولو كان اليقين بالحدوث معرّفا ونحو ذلك فالأمارة الكاشفة عن الوجوب إنّما