ب ـ الشكّ في البقاء
والشكّ في البقاء هو الركن الثاني ، وذلك لأخذه في لسان أدلّة الاستصحاب.
وقد يقال : إنّ ركنيته ضروريّة بلا حاجة إلى أخذه في لسان الأدلّة ، لأنّ الاستصحاب حكم ظاهري والحكم الظاهري متقوّم بالشكّ ، فإن فرض الشكّ في الحدوث كان مورد قاعدة اليقين ، فلا بدّ إذن من فرض الشكّ في البقاء.
ولكن سيظهر أنّ ركنيّة الشكّ في البقاء بعنوانه لها آثار إضافيّة لا تثبت بالبرهان المذكور ، بل بأخذه في لسان الأدلّة ، فانتظر.
الركن الثاني هو الشكّ في البقاء : ويدلّ عليه أمران :
الأوّل : الروايات الدالّة على الاستصحاب حيث أخذ في لسانها عنوان الشكّ كما في ( لا تنقض اليقين بالشكّ ) ، وكما في ( كان على يقين ثمّ شكّ ) ، فإنّ الظاهر كون الشكّ في البقاء لا في نفس اليقين.
والثاني : على ما قيل : من أنّ ركنيّة الشكّ ضروريّة ومفروغ عنها ، ولا حاجة إلى الاستدلال عليها أو أخذها في لسان الأدلّة ؛ وذلك لأنّ الاستصحاب حكم ظاهري والحكم الظاهري متقوّم بالشكّ ؛ لأنّه مجعول في مقام الشكّ في الواقع.
وعليه فإن كان الشكّ راجعا إلى نفس الحدوث فهذا يعني أنّ اليقين والشكّ متعلّقان بشيء واحد في زمان واحد ، وهو مورد قاعدة اليقين التي يكون الشكّ فيها ساريا إلى نفس اليقين ، وإن كان الشكّ متعلّقا بالبقاء فهو مورد الاستصحاب ، وهو المطلوب.
إلا أنّ الصحيح وجود فرق بين النحوين من الاستدلال ، ولا يكفي الدليل الثاني لإثبات كون الشكّ راجعا الى البقاء ؛ لأنّه لا يثبت أكثر من لزوم أخذ الشكّ وكونه غير سار إلى اليقين ، وأمّا كونه متعلّقا بالبقاء فهذا لا يثبت به.