من افتراض الغليان أيضا ، ومع افتراض الغليان للعنب لا يمكن تصوّر الشكّ في البقاء من ناحية العنب ؛ لأنّه لم يعد موجودا بعد الغليان ، إذ الموجود حينئذ هو العصير ، وقبل الغليان الموجود هو العنب فقط ، فلا حرمة.
ولذلك قال الميرزا : إنّ الاستصحاب بالنسبة للحكم المجعول لا يجري ؛ لأنّه بالنسبة للمجعول لا يقين بالحدوث ، أي أنّ الحكم ليس فعليّا لكي يجري استصحابه ، وبالنسبة للجعل فلا شكّ في البقاء ؛ لأنّه يعلم بثبوت الحرمة للعنب المغلي.
وبتعبير آخر : أنّ الاستصحاب الذي نقض به المحقّق العراقي هو استصحاب الحكم المجعول على الموضوع المقدّر الوجود.
بينما الاستصحاب الذي نظر إليه المحقّق النائيني ومنع جريانه هو استصحاب الحكم على مستوى الجعل أو المجعول على جزء الموضوع المقدّر الوجود لا على تمامه.
ففرق بين أن نقول : إنّ الاستصحاب يجري سواء كان الموضوع محقّقا في الخارج أم كان مفترض الوجود في الذهن ، وبين أن نقول : إنّ الاستصحاب لا يجري فيما إذا كان الموجود في الخارج أو المقدّر وجوده هو جزء الموضوع ؛ لأنّ الأوّل معناه ملاحظة الحكم بالحمل الأوّلي ، فهو حكم وصفة لأمر خارجي ، وهذا الأمر الخارجي إمّا أن يكون وجوده محقّقا وإمّا أن يكون مقدّرا ، وفي الحالتين يكون الحكم فعليّا.
وأمّا الثاني فمعناه أنّنا لاحظنا الحكم مع جزء موضوعه ، ومن الواضح أنّ الحكم لا يثبت ولا يكون فعليّا إذا كان الموجود في الخارج أو المقدّر وجوده هو جزء الموضوع لا تمامه.
والتحقيق : أنّ إناطة الحكم بالخصوصيّة الثانية في مقام الجعل ، تارة تكون في عرض إناطته بالخصوصية الأولى بأن قيل : ( العنب المغلي حرام ) ، وأخرى تكون على نحو مترتّب وطولي بمعنى أنّ الحكم يقيّد بالخصوصيّة الثانية ، وبما هو مقيّد بها يناط بالخصوصيّة الأولى بأن قيل : ( العنب إذا غلى حرم ) ، فإنّ العنب هنا يكون موضوعا للحرمة المنوطة بالغليان ، خلافا للفرضيّة الأولى التي كان العنب المغلي بما هو كذلك موضوعا للحرمة.
وتحقيق الجواب على الاعتراض الأوّل أن يقال : إنّ الشارع في مقام الجعل للحكم