على موضوعه إذا كان هذا الموضوع مركّبا من عدّة قيود وخصوصيّات ، يمكنه أن يأخذ هذه القيود كلّها في عرض واحد ، ويمكنه أن يجعلها في طول بعضها ، فهنا نحوان :
الأوّل : أن يأخذ كلّ الخصوصيّات في عرض واحد ثمّ يجعل الحكم عليها ، ففي مقامنا يأخذ العنبيّة والغليان ثمّ يجعل الحرمة عليهما فيقول : ( العنب المغلي حرام ) ، أو يقول : ( إذا كان هناك عنب وغلى فهو حرام ).
الثاني : أن يأخذ بعض الخصوصيّات في طول البعض الآخر ثمّ يجعل الحكم ، فيكون الحكم مقيّدا أوّلا ببعض الخصوصيّات ثمّ يقيّد المجموع بخصوصيّة أخرى ، كأن يقال : ( العنب إذا غلى حرم ) ، فهنا قيّدت الحرمة أوّلا بالغليان ثمّ قيّد المجموع بالعنبيّة.
ففي الفرضيّة الأولى كان الموضوع هو العنب المغلي أي العنب المقيّد بالغليان هو موضوع الحرمة.
بينما في الفرضيّة الثانية كان الموضوع هو العنب والحكم هو الحرمة المقيّدة بالغليان.
وعلى هذا الأساس سوف تختلف النتيجة من جهة جريان الاستصحاب وعدم جريانه على النحو التالي :
ففي الحالة الأولى يتّجه الاعتراض المذكور ، ولا يجري الاستصحاب في القضيّة الشرطيّة ؛ لأنّها أمر منتزع عن الجعل وليست هي الحكم المجعول.
وأمّا في الحالة الثانية فلا بأس بجريان الاستصحاب في نفس القضيّة الشرطيّة التي وقع العنب موضوعا لها ؛ لأنّها مجعولة من قبل الشارع بما هي شرطيّة ومرتّبة على عنوان العنب ، فالعنب موضوع للقضيّة الشرطيّة حدوثا يقينا ويشكّ في استمرار ذلك بقاء فتستصحب.
ففي الحالة الأولى : أي فيما إذا كانت القيود عرضيّة وكان الحكم مجعولا على الموضوع المقيّد ، فهنا لا يجري الاستصحاب في القضيّة الشرطيّة القائلة : ( إنّ هذا العنب لو غلى لحرم ) ، كما قال الميرزا لا في عالم الجعل ولا في عالم المجعول ولا في نفس هذه القضيّة الشرطيّة.