أمّا القسم الثاني من الشكّ في بقاء الكلّي ـ وهو الشكّ الناشئ من حدوث الفرد ـ فهذا له حالتان :
الحالة الأولى : أن يعلم إجمالا بحدوث أحد الفردين ، وأحدهما طويل من حيث البقاء والآخر قصير ، فلو كان الكلّي حادثا بحدوث الفرد القصير فهو مرتفع للعلم بارتفاع الفرد القصير ، وإن كان حادثا ضمن الفرد الطويل فهو لا يزال باقيا ، فيشكّ في بقاء الكلّي نتيجة الشكّ في حدوث الفرد إجمالا.
مثاله : ما إذا علم بالحدث المردّد بين الحدث الأصغر والحدث الأكبر ، ثمّ يتوضّأ ، فإنّه إذا كان كلّي الحدث متحقّقا ضمن الحدث الأصغر فقد ارتفع بسبب الوضوء الرافع للحدث الأصغر ، وإذا كان كلّي الحدث متحقّقا ضمن الحدث الأكبر فهو لا يزال باقيا ؛ لأنّه لا يرتفع بالوضوء.
ومثّلوا له بالعلم بدخول حيوان إلى الغرفة ذي خرطوم المردّد بين البقّ والفيل ، وبعد ثلاثة أيّام يشكّ في بقاء كلّي الحيوان في الغرفة ؛ لأنّه لو كان حادثا في البقّ فهو لا يعيش أكثر من ثلاثة أيّام ، وأمّا لو كان حادثا في الفيل فهو لا يزال باقيا ، فيشكّ في بقاء الكلّي وهذا الشكّ مسبّب عن حدوث الفرد إذ لا يعلم أي الفردين هو الحادث.
وهذا القسم اصطلحوا عليه في كلماتهم بالقسم الثاني من استصحاب الكلّي.
والكلام هنا في جريان استصحاب الكلّي حيث إنّ استصحاب الفرد لا يجري لعدم اليقين بالحدوث.
والصحيح هو جريان استصحاب الكلّي وفاقا للمشهور ، حيث يعلم بحدوث الكلّي ويشكّ في بقائه فيستصحب.
وقد يعترض على جريان هذا الاستصحاب بوجوه :
منها : أنّه لا يقين بالحدوث ، وهو اعتراض مبنيّ على إرجاع استصحاب الكلّي إلى استصحاب الحصّة ، وحيث لا علم بالحصّة حدوثا فلا يجري الاستصحاب لعدم اليقين بالحدوث ، بل لعدم الشكّ في البقاء إذ لا شكّ في الحصّة بقاء ، بل إحدى الحصّتين معلومة الانتفاء ، والأخرى معلومة البقاء.
الاعتراض الأوّل : أنّ الاستصحاب لا يجري لاختلال ركنه الأوّل وهو اليقين بالحدوث ؛ وذلك لأنّ الكلّي إن كان بمعنى الحصّة فهذا معناه أنّ الكلّي في هذه