مثل ذلك يتحقّق امتثال الأمر بالأكثر على تقدير ثبوته ، ولا يكون امتثالا للأمر بالأقلّ على تقدير ثبوته.
المقدّمة الثانية : أنّ مورد تردّد الواجب بين الأقلّ والأكثر تارة يكون الواجب المردّد توصّليّا ، وأخرى يكون عباديّا.
فإن كان توصّليّا فلا كلام في أنّ الزائد تجري فيه البراءة ؛ لأنّ الأقلّ معلوم على كلّ تقدير.
وإن كان تعبّديّا كالصلاة فهنا تكون النسبة بين امتثال الأقلّ وامتثال الأكثر العموم والخصوص من وجه ، أي أنّ الأقلّ يفترق عن الأكثر ، والأكثر يفترق عن الأقلّ ، ويجتمع كلّ منهما معا.
أمّا مادّة افتراق الأقلّ عن الأكثر فواضحة وهي فيما إذا أتى بالتسعة فقط ، فإنّه لا ينطبق عليها عنوان الأكثر.
وأمّا مادّة الاجتماع بينهما فهي الإتيان بالعشرة بقصد امتثال الأمر الواقعي ، لا بقصد امتثال الأقلّ بخصوصه ، ولا بقصد امتثال الأكثر بخصوصه ، فإنّ الإتيان بالعشرة بقصد امتثال مطلق الأمر ينطبق على الأقلّ والأكثر معا.
وأمّا مادّة افتراق الأكثر عن الأقلّ فقد يقال : إنّ هذا غير معقول إذ لا يمكن تصوّر الأكثر من دون الأقلّ ؛ لأنّ العشرة لا تتحقّق إلا بالتسعة ، إلا أنّ الصحيح إمكان ذلك استنادا إلى المبنى الفقهي المشهور من أنّ الإتيان بالأكثر بقصد التقييد يمنع من انطباقه على الأقلّ ، بمعنى أنّه يقصد الإتيان بالأكثر بعنوان امتثال الأمر المتعلّق بالأكثر بحيث إنّه لو كان الأمر متعلّقا بالأقلّ لما كان امتثله وانبعث نحوه ، فيكون الإتيان بالأكثر بهذا القيد امتثالا للأمر بالأكثر دون الأقلّ ؛ لأنّه قصد عدم امتثاله والانبعاث عنه.
نظير ما لو علم بصدور أمر بالصلاة مردّد بين الوجوب والاستحباب ، فإنّه إذا قصد امتثال الأمر الواقعي يكون قد جمع بين الوجوب والاستحباب ، وإذا قصد الاستحباب بخصوصه فلا ينطبق على الوجوب وكذا العكس ، وهذا ما يسمّى بقصد الأكثر على نحو التقييد لا على نحو التطبيق.
وحينئذ يقال : إنّ العلم الإجمالي يدور بين العامّين من وجه ، وفي مثل ذلك يتنجّز