٢ ـ الدوران بين الأقلّ والأكثر في الشرائط
والتحقيق فيها ـ على ضوء المسألة السابقة ـ هو جريان البراءة عن وجوب الزائد ؛ لأنّ مرجع الشرطيّة للواجب إلى تقيّد الواجب بقيد وانبساط الأمر على التقيّد ، كما تقدّم في موضعه (١) ، فالشكّ فيها شكّ في الأمر بالتقيّد.
والدوران إنّما هو بين الأقلّ والأكثر إذا لوحظ المقدار الذي يدخل في العهدة ، وهذا يعني وجود علم تفصيلي بالأقلّ وشكّ بدوي في الزائد فتجري البراءة عنه.
إذا شكّ في وجوب شرط مع الواجب ، كما إذا شكّ في وجوب الطهارة مع الصلاة ، فهذا من الشكّ في الأقلّ والأكثر في الشرائط ، بمعنى أنّ الواجب هل هو الصلاة فقط ، أو الصلاة مع الطهارة؟
والتحقيق في ذلك أن يقال : إنّ البراءة تجري لنفي الشرط الزائد المشكوك ، كما هو الحال في الشكّ في الجزء الزائد تماما.
والوجه في ذلك : أنّ مرجع الشكّ في الشرطيّة للواجب إلى الشكّ في أنّ المأمور به هل هو ذات الطبيعة أو حصّة خاصّة من الطبيعة؟ لأنّ الشرطيّة للواجب معناها تقيّد الواجب بقيد ، وتعلّق الأمر بذات الواجب وبالتقيّد بذلك القيد لا بذات الواجب فقط ؛ لأنّ القيد يحصّص الواجب إلى حصّتين ، الأولى الصلاة من دون القيد والثانية الصلاة مع القيد ، بحيث يكون المأمور به هو الحصّة الخاصّة من الواجب لا الواجب كيفما اتّفق.
وحينئذ يكون الشكّ في الشرط مرجعه في الحقيقة إلى الشكّ في الأمر بالتقيّد زائدا على ذات الواجب ، وهذا يعني أنّه دوران بين الأقلّ والأكثر ؛ لأنّ ذات الواجب
__________________
(١) بحث الدليل العقلي من الجزء الأوّل من الحلقة الثالثة ، تحت عنوان : المسئوليّة تجاه القيود والمقدّمات.