شكّ في اشتراط الإيمان في الرقبة التي يجب عتقها ، فإنّ العتق متعلّق للوجوب ، والرقبة متعلّق للعتق ، والإيمان متعلّق بالرقبة لا بالوجوب ولا بالعتق ، فهي شرط في الموضوع.
وكذا وجوب إطعام الفقير الذي شكّ في اشتراط الهاشميّة فيه ، فإنّ الهاشميّة شرط لمتعلّق المتعلّق أي للموضوع ؛ لأنّ الحكم هو الوجوب المتعلّق بالإطعام فهو المادّة أو متعلّق الأمر ، والإطعام متعلّق بالفقير فهو متعلّق المتعلّق والهاشميّة شرط في الفقير أي الموضوع.
ففي هذين النحوين يكون الشكّ في الشرطيّة مجرى للبراءة ؛ لأنّ مرجعه كما قلنا إلى الأمر بالتقيّد زائدا على ذات الطبيعة المعلومة على كلّ تقدير.
هذا هو الصحيح في المسألة ، إلا أنّ المحقّق العراقي له تفصيل في المقام وهو :
وقد ذهب المحقّق العراقي ـ قدس الله روحه ـ (١) إلى عدم جريان البراءة في بعض الحالات المذكورة.
ومردّ دعواه إلى أنّ الشرطيّة المحتملة على تقدير ثبوتها : تارة تتطلّب من المكلّف في حالة إرادته الإتيان بالأقلّ أن يكمّله ويضمّ إليه شرطه ، وأخرى تتطلّب منه في الحالة المذكورة صرفه عن ذلك الأقلّ الناقص رأسا وإلغاءه إذا كان قد أتى به ودفعه إلى الإتيان بفرد آخر كامل واجد للشرط.
ومثال الحالة الأولى : أن يعتق رقبة كافرة فإنّ شرطيّة الإيمان في الرقبة تتطلّب منه أن يجعلها مؤمنة عند عتقها ، وحيث إنّ جعل الكافر مؤمنا ممكن فالشرطيّة لا تقتضي إلغاء الأقلّ رأسا بل تكميله ، وذلك بأن يجعل الكافر مؤمنا عند عتقه له فيعتقه وهو مؤمن.
ومثال الثاني : أن يطعم فقيرا غير هاشمي فإنّ شرطيّة الهاشميّة تتطلّب منه إلغاء ذلك رأسا وصرفه إلى الإتيان بفرد جديد من الإطعام ؛ لأنّ غير الهاشمي لا يمكن جعله هاشميّا.
وهنا تفصيل للمحقّق العراقي يفرّق على أساسه بين الشرط الراجع إلى المتعلّق والشرط الراجع إلى متعلّق المتعلّق ، فتجري البراءة في النحو الأوّل دون الثاني ، ولكن
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٣٩٩.