إذ المفروض أنّ هذا الشيء الزائد لا يمكنه إيجاده ؛ لأنّه خارج عن قدرته واختياره ، ولذلك لا بدّ من الإتيان بفرد آخر يكون واجدا في نفسه للشرط.
وهذا معناه أنّه يشكّ في مصداق الواجب هل هو هذا الفرد الفاقد للشرط أو ذاك الفرد الواجد للشرط؟ وهذا علم إجمالي دائر بين المتباينين وليس هناك قدر متيقّن ومعلوم على كلّ حال ، بل إمّا هذا الواجب أو ذاك.
وفي مثل ذلك يكون العلم الإجمالي منجّزا للإتيان بالأكثر ؛ لأنّه يتحقّق المأمور به على كلا التقديرين ، بخلاف ما لو أتى بالأقلّ فإنّه على تقدير يكون محقّقا وعلى تقدير آخر لا يكون محقّقا ، فيكون الشكّ فيما هو المحقّق للمأمور به فيجب الاحتياط.
وهذا التحقيق لا يمكن الأخذ به ، فإنّ الدوران في كلتا الحالتين دوران بين الأقلّ والأكثر ؛ لأنّ الملحوظ فيه إنّما هو عالم الجعل وتعلّق الوجوب ، وفي هذا العالم ذات الطبيعي معروض للوجوب جزما ، ويشكّ في عروضه على التقيّد ، فتجري البراءة عنه ، وليس الملحوظ في الدوران عالم التطبيق خارجا ليقال : إنّ ما أتي به من الأقلّ خارجا قد لا يصلح لضمّ الزائد إليه ولا بدّ من إلغائه رأسا على تقدير الشرطيّة.
والصحيح : أنّ هذا التفصيل وإن كان تحقيقا في المقام لكنّه خارج عن محلّ البحث ، وذلك لأنّ الدوران بين الأقلّ والأكثر تارة يلحظ في عالم الجعل والتشريع ، وأخرى يلحظ في عالم التطبيق والامتثال.
فإن لوحظ الأقلّ والأكثر في عالم التطبيق والامتثال كان هذا التفصيل وجيها.
وإن لوحظ الأقلّ والأكثر في عالم الجعل والتشريع فلا يتمّ هذا التفصيل ؛ لأنّ عالم الجعل والتشريع هو عالم تعلّق الحكم بموضوعه ، فإذا قيل : أكرم الفقير أو اعتق رقبة كان وجوب الإكرام عارضا على موضوعه وهو ذات الفقير ، وكذلك وجوب العتق عارض على ذات الرقبة ، فإذا شكّ في شرطيّة الهاشميّة في الفقير أو شرطيّة الإيمان وقصد القربة في العتق أو الرقبة ، كان هذا الشكّ من الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ؛ لأنّ وجوب الأقلّ وهو ذات الفقير أو ذات الرقبة معلوم الوجوب تفصيلا ؛ لأنّه هو معروض الحكم ، ويشكّ في وجوب شيء زائد عليه وهو تقيّد