وبذلك تثبت حرمة تصوير الشكل بتمامه ؛ لأنّها الحرمة المتيقّنة على كلّ تقدير ؛ لأنّه إذا صوّر تمام الشكل يكون قد ارتكب الحرام سواء كان الحرام تصوير تمام البدن أم كان الحرام تصوير الرأس فقط ؛ لأنّ الرأس داخل في تمام الشكل.
وأمّا إذا صوّر الرأس فقط فهو شكّ في حرمة زائدة مضافا إلى حرمة تصوير الكلّ ، وحيث إنّ حرمته مشكوكة فتجري عنها البراءة.
فالفارق الأوّل بين الواجبات والمحرّمات هو في المئونة الزائدة وفي تصوير جريان البراءة ، فهناك تجري لنفي المئونة الزائدة في الأكثر بينما هنا تجري لنفي المئونة الزائدة في الأقلّ.
وثانيا : أنّ دوران الحرام بين الأقلّ والأكثر يشابه دوران أمر الواجب بين التعيين والتخيير ؛ لأنّ حرمة الأكثر في قوّة وجوب ترك أحد الأجزاء تخييرا ، وحرمة الأقلّ في قوّة وجوب ترك هذا الجزء بالذات تعيينا ، فالأمر دائر بين وجوب ترك أحد الأجزاء ووجوب ترك هذا الجزء بالذات ، وهذا يشابه دوران الواجب بين التعيين والتخيير لا الدوران بين الأقلّ والأكثر في الأجزاء أو الشرائط.
الجهة الثانية : في كون الدوران من أي أقسام الأقلّ والأكثر؟
والصحيح فيها : أنّ الدوران بين الأقلّ والأكثر في المحرّمات يدخل في الدوران بين التعيين والتخيير.
والوجه في ذلك أن يقال : إنّ حرمة الأكثر ـ أي حرمة تصوير تمام الشكل ـ يكفي في الاجتناب عنها ترك أي جزء من الأجزاء كاليد أو الرأس ونحوهما ، فهي نظير الوجوب التخييري الذي يكفي في امتثاله أن يمتثل أيّ فرد من الأفراد المخيّر بينها عقلا أو شرعا ، ففي مقام الامتثال للحرمة أو للوجوب التخييري يكفي ترك أي جزء أو فعل أيّ فرد.
وأمّا حرمة الأقلّ ـ أي حرمة تصوير الرأس خاصّة ـ فهذه لا يكفي فيها ترك أيّ جزء آخر كاليد أو الساق ، بل لا بدّ فيها من ترك الرأس سواء ضمّ إليه ترك الأعضاء الأخرى أم لا ، لأنّ ضمّ ترك الأجزاء الأخرى إلى ترك الرأس يكون من باب ضمّ ترك ما ليس بحرام إلى ترك الحرام ، وأمّا فعل الأجزاء الأخرى مع ترك الرأس فهو من باب ضمّ فعل المباح إلى جانب ترك الحرام ، فهذا نظير الوجوب التعييني للعتق مثلا ، والذي