من جريان البراءة لنفي التكليف الزائد ، إلا أنّ الأقلّ والأكثر في المحرّمات يختلف عن الأقلّ والأكثر في الواجبات من جهة تصوير الأقلّ والأكثر ، ومن جهة أنّ هذا الدوران هل يشمل الموارد الأربعة للدوران أي الأجزاء والشرائط والتعيين والتخيير العقلي أو الشرعي أو لا؟
ولذلك سوف نتحدّث عن هاتين الجهتين ، فنقول :
فأوّلا : وجوب الأكثر هناك كان هو الأشدّ مئونة ، وأمّا حرمة الأكثر هنا فهي الأخفّ مئونة ، إذ يكفي في امتثالها ترك أي جزء ، فحرمة الأكثر في باب الحرام تناظر إذن وجوب الأقلّ في باب الواجب.
الجهة الأولى : في تصوير الأقلّ والأكثر.
تقدّم في باب الواجبات أنّ الأكثر يشتمل على مئونة زائدة ، ففي الدوران بين التسعة أو العشرة كان وجوب الأكثر أي العشرة فيه مئونة زائدة ، وهي لزوم ضمّ الجزء العاشر إلى التسعة ولا يكفي الإتيان بالتسعة فقط ، وحيث إنّ هذا الوجوب مشكوك فتجري عنه البراءة.
وأمّا في باب المحرّمات فالأكثر لا يشتمل على المئونة الزائدة ، وإنّما الأقلّ هو الذي يشتمل على المئونة الزائدة ؛ وذلك لأنّه في الدوران بين حرمة تصوير الرأس أو حرمة تصوير تمام الشكل ، تكون حرمة تصوير الرأس والتي هي الأقلّ ثابتة سواء صوّر الرأس فقط أم صوّره مع تمام البدن ، بينما حرمة الأكثر وهي تصوير تمام الشكل ثابتة فيما إذا صوّر جميع الأعضاء فقط ، وهذا يعني أن الحرمة الأولى لا تنتفي إلا بعدم تصوير الرأس سواء صوّر غيره أم لا ، بينما الحرمة الثانية تنتفي بانتفاء أي جزء من الشكل.
ولذلك فإذا صوّر الرأس فقط سوف يشكّ في حرمته ؛ لأنّ الحرام لو كان هو تصوير الرأس فالحرمة ثابتة ، وأمّا لو كان الحرام هو تصوير تمام البدن فلا حرمة في تصوير الرأس فقط ، وحينئذ تكون حرمة تصوير الرأس وحده مشكوكة فتجري عنها البراءة ، وحيث إنّ البراءة تجري لنفي المئونة الزائدة والتكليف الزائد فيكون الأقلّ هنا مشتملا على المئونة الزائدة نظير الأكثر في الواجبات ، بينما الأكثر هنا وهو حرمة تصوير تمام الشكل ليس فيه مئونة زائدة ؛ لأنّها تنتفي بانتفاء أي جزء من الشكّ فهي نظير الأقلّ في الواجبات.