مثاله : أن يعلم بأنّ اللباس المصنوع ممّا لا يؤكل لحمه مانع في الصلاة ، وشكّ في أنّ هذا اللباس الموجود أمامه هل هو مصنوع ممّا يؤكل لحمه أو ممّا لا يؤكل لحمه؟ فهنا يشكّ في أنّه مانع من الصلاة أم لا ، والشكّ في المانعيّة شكّ في أمر زائد ؛ لأنّ المانعيّة معناها كما تقدّم تقيّد المركّب بعدم شيء ، خلافا للشرطيّة التي تعني تقيّده بوجود شيء.
وهذا الشكّ شكّ في الشبهة الموضوعيّة ؛ لأنّ المانعيّة على مستوى الجعل معلومة ، إلا أنّ مصداقها مشكوك.
والحكم هنا هو جريان البراءة ؛ لأنّ الشكّ في مانعيّة هذا اللباس معناه الشكّ في تكليف زائد ؛ لأنّه يشكّ في تقيّد الصلاة بعدم هذا اللباس فتجري البراءة للتأمين عن هذا اللباس المشكوك ، وبالتالي تجوز الصلاة فيه.
وأمّا لو شكّ في الشبهة الموضوعيّة للشرطيّة فهنا يختلف الحكم ، فإذا علم بشرطيّة الطهارة مثلا ، وشكّ في أنّ ما فعله هل هو طهارة أم لا؟ فهنا يكون الشكّ في المحصّل للمأمور به ، فيجب الاحتياط والإتيان بالطهارة يقينا ، وهكذا الحال في الشكّ في الجزئيّة وأنّه هل أتى بها أم لا؟
إلا أنّ هذا على عمومه غير صحيح ، لإمكان تصوير الشبهة الموضوعيّة بين الأقلّ والأكثر في الشرطيّة وفي الجزئيّة أيضا والذي يكون مجرى للبراءة.
وقد يقال ـ كما عن الميرزا قدسسره (١) : إنّ الشبهة الموضوعيّة للواجب الضمني لا يمكن تصويرها إلا إذا كان لهذا الواجب تعلّق بموضوع خارجي كما في هذا المثال.
قد يقال : كما عن المحقّق النائيني ـ قدس الله روحه ـ ذهب إلى أنّ تصوير الشبهة الموضوعيّة للأقلّ والأكثر إنّما تكون في المانعيّة وفي الشرطيّة التي لها متعلّق في الخارج ، كما في مثالنا السابق ، فإنّ اللباس الذي يشكّ في كونه ممّا يؤكل لحمه أو ممّا لا يؤكل ، موضوع خارجي يشكّ في تعلّق المانعيّة به.
وأمّا إذا لم يكن للواجب تعلّق بموضوع خارجي ، فلا يتصوّر فيه الشبهة الموضوعيّة للأقلّ والأكثر ، كما في القراءة الواجبة فإنّه لا يوجد شيء في الخارج يتعلّق به وجوب
__________________
(١) فوائد الأصول ٤ : ٢٠٠.