وعلى هذا الأساس فالمقام من صغريات دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر ، فيلحقه حكمه من جريان البراءة عن الزائد.
وبهذا ظهر أنّ هذا الجواب لا ينفع لحلّ المشكلة التي أثارها الشيخ ، وإنّما الحلّ ما ذكرناه من جواب.
وبذلك يتّضح لنا أنّ المقام من موارد الدوران بين الأقلّ والأكثر بلحاظ حالة النسيان ؛ لأنّه بعد الفراغ من الصلاة سوف يشكّ أنّ تكليفه هذه الصلاة التي أتى بها فقط ، أو تكليفه مضافا إليها وجوب الإعادة مع الجزء الذي نسيه فتجري البراءة عنه ؛ لأنّه شكّ في التكليف الزائد.
بل التدقيق في المقارنة يكشف عن وجود فارق يجعل المقام أحقّ بالبراءة من حالات الدوران المذكور. وهو أنّ العلم بالواجب المردّد بين الأقلّ والأكثر قد يدّعى كونه في حالات الدوران المذكور علما إجماليّا منجّزا ، وهذه الدعوى لئن قبلت في تلك الحالات فهناك سبب خاصّ يقتضي رفضها في المقام وعدم إمكان افتراض علم إجمالي منجّز هنا.
وهو أنّ التردّد بين الأقلّ والأكثر في المقام إنّما يحصل للناسي بعد ارتفاع النسيان ، والمفروض أنّه قد أتى بالأقلّ في حالة النسيان ، وهذا يعني أنّه يحصل بعد امتثال أحد طرفيه ، فهو نظير أن تعلم إجمالا بوجوب زيارة أحد الإمامين بعد أن تكون قد زرت أحدهما ، ومثل هذا العلم الإجمالي غير منجّز بلا شكّ ، حتّى لو كان التردّد فيه بين المتباينين فضلا عمّا إذا كان بين الأقلّ والأكثر.
وخلافا لذلك حالات الدوران الاعتياديّة ، فإنّ التردّد فيها يحصل قبل الإتيان بالأقلّ ، فإذا تشكّل منه علم إجمالي كان منجّزا.
والتحقيق في المسألة أن يقال : إنّ مقامنا أولى وأحقّ بجريان البراءة من موارد الدوران بين الأقلّ والأكثر ؛ وذلك لوجود امتياز في المقام غير موجود في تلك الحالات.
وتوضيح ذلك : أنّه في حالات الدوران بين الأقلّ والأكثر في جميع أنحائه قلنا بجريان البراءة : إمّا للانحلال الحقيقي وإمّا للانحلال الحكمي.
إلا أنّه في بعض الحالات حيث يكون الطرفان متباينين مفهوما ومتّحدين مصداقا ،