على أن الامام لايحتاج إلى إمام ، وقد أجمعت الامة على أن أبابكر قال على المنبر : ( وليتكم ولست بخيركم ، فإن استقمت فاتبعوني ، وإن اعوججت فقوموني ) فاعترف بحاجته إلى رعيته وفقره إليهم في تدبيره ، ولا خلاف بين ذوى العقول أن من احتاج إلى رعيته فهو إلى الامام أحوج ، وإذا ثبت حاجة أبي بكر إلى الامام بطلت إمامته بالاجماع المنعقد على أن الامام لا يحتاج إلى الامام ، فلم يدر الكتبي بم يعترض ، و كان بالحضرة من المعتزلة رجل يعرف بعرزالة(١) فقال : ما أنكرت على من قال لك : إن الامة أيضا مجتمعة على أن القاضي لا يحتاج إلى قاض ، والامير لايحتاج إلى أمير ، فيجب على هذا الاصل أن يوجب عصمة الامراء ، (٢) أو يخرج من الاجماع.
فقال له الشيخ : إن سكوت الاول أحسن من كلامك هذا ، وما كنت أظن أنه يذهب عليك الخطأ في هذا الفصل ، أو تحمل نفسك عليه مع العلم بوهنه ، وذلك أنه لا إجماع في ما ذكرت ، بل الاجماع في ضده ، لان الامة متفقة على أن القاضي الذي هو دون الامام يحتاج إلى قاض هو الامام ، (٣) وذلك يسقط ماتعلقت به ، اللهم إلا أن تكون أشرت بالامير والقاضي إلى نفس الامام ، فهو كما وصفت غير محتاج إلى قاض يتقدمه أو أمير عليه ، وإنما استغنى عن ذلك لعصمته وكماله ، فأين موضوع إلزامك عافاك الله؟ فلم يأت بشئ.(٤)
٥ ـ ومن كلام الشيخ أدام الله نعماه أيضا : سأله رجل من المعتزلة يعرف بأبي عمرو الشوطي(٥) فقال له : أليس قد اجتمعت الامة(٦) على أن أبابكر وعمر كان ظاهر هما الاسلام؟ فقال له الشيخ : نعم قد أجمعوا على أنهما كانا على ظاهر الاسلام زمانا ، فأما أن يكونوا مجمعين على أنهما كانافي سائر أحوالهما على ظاهر الاسلام فليس
__________________
(١) في نسخة : يعرف بغزالة.
(٢) في المصدر : يوجب عصمة الامراء والقضاة.
(٣) في المصدر هنا زيادة وهى هذه : والامير من قبل الامير يحتاج إلى أمير هو الامام.
(٤) الفصول المختارة ١ : ٧.
(٥) في المصدر : الشطوى.
(٦) في المصدر : أليس قد أجمعت الامة.