يوردوه على سبيل التبحج به(١) والاستحسان له ، وأنت أيها الرجل من غلوك فيه جعلته أحدالغرر ، وأنت وإن كنت أعجمي الاصل والمنشأ فأنت عربي اللسان صحيح الحس ، وظاهر الآية في الكفار خاصة ، لايخفى ذلك على الانباط فظلا عن غيرهم ، حيث يقول الله عزوجل حاكيا عن الفرقة بعينها وهي تعني معبوداتها من دون الله تعالى وتخاطبها فيقول : « إذنسو يكم برب العالمين » فيعترفون بالشرك بالله عزوجل ، ثم يقولون : « وما أضلنا إلا المجرمون » وقبل ذلك يقسمون فيقولون : « تالله إن كنا لفي ضلال مبين » فهل يا أبا القاسم أصلحك الله تعرف أحدا من خصومك في الارجاء والشفاعة يذهب إلى جواز الشفاعه لعباد الاصنام المشركين بالله عزوجل ، والكفار برسله عليهمالسلام ، حتى استحسنت استدلال شيخك بهذه الآية على المشبهة زعمت(٢) و المجبرة ومن ذهب مذهبهم من العامة؟! فإن ادعيت علم ذلك تجاهلت ، وإن زعمت أنه إذا بطلت الشفاعة للكفار فقد بطلت في الفساق أتيت بقياس طريف من القياس الذي حكي عن أبي حنيفة أنه قال : « البول في المسجد أحيانا أحسن من بعض القياس » وكيف تزعم ذلك وأنت إنما حكيت مجرد القول في الآية ، ولم تذكروجه الاستدلال منها ، وإن ما توهمت تأن الحجة في ظاهرها غفلة عظيمة حصلت منك على أنه إنما يصح القياس على العلل والمعاني دون الصور والالفاظ ، والكفار إنما بطل قول من ادعى الشفاعة لهم أن لواد عاها مدع بصريح القرآن لاغير ، فيجب أن لاتبطل الشفاعة لفساق الملة إلا بنص القرآن أيضا ، أوقول من الرسول صلىاللهعليهوآله يجري مجرى القرآن في الحجة ، وإذا عدم ذلك بطل القياس فيه ، مع أنا قد بينا أنك لم تقصد القياس و إنما تعلقت بظاهر القرآن ، وكشفنا عن غفلتك في التعلق به ، فليتأمل ذلك أصحابك وليستحيوا لك منه ، على أنه قد روي عن الباقر محمدبن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام أنه قال : في هذه الآية دليل على وجود الشفاعة ، (٣) قال : وذلك أن أهل النار لولم يروا يوم القيامة الشافعين يشفعون لبعض من استحق العقاب فيشفعون
__________________
(١) تبحج : افتخر وتعظم وباهى.
(٢) في المصدر : كما زعمت.
(٣) في المصدر : في هذه الايات دلالة على وجود الشفاعة.