أن أحدا رده على أنس ولا أنكر صحته عند روايته ، فصار الاجماع عليه هو الحجة في صوابه ، ولم يخل ببرهانه كونه من أخبار الآحاد بما شرحناه ، مع أن التواتر قدورد بأن أميرالمؤمنين عليهالسلام احتج به في مناقبه يوم الدار ، (١) فقال : ( انشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فجاء أحد غيري؟ قالوا : اللهم لا ، قال : اللهم اشهد ، فاعترف الجميع بصحته ، ولم يك أميرالمؤمنين عليهالسلام ليحتج بباطل ، (٢) لاسيما وهو في مقام المنازعة والتوصل بفضائله إلى أعلى الرتب التي هي الامامة والخلافة للرسول صلىاللهعليهوآله ، وإحاطة علمه بأن الحاضرين معه في الشورى يريدون الامر دونه ، مع قول النبي صلىاللهعليهوآله : « علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار (٣) »وإذا كان الامر على ما وصفناه دل على صحة الخبر حسبما بيناه.
فاعترض بعض المجبرة فقال : إن احتجاج الشيعة برواية أنس من أطرف الاشياء وذلك أنهم يعتقدون تفسيق أنس بل تكفيره ، فيقولون : إنه كتم الشهادة في النص حتى دعا عليه أميرالمؤمنين عليهالسلام ببلاء لايواريه الثياب ، فبرص على كبر السن ومات وهو أبرص ، فكيف يستشهد(٤) برواية الكافرين؟ (٥)
فقالت المعتزلة : قد أسقط هذا الكلام الرجل ولم يجعل الحجة في الرواية أنسا ، وإنما جعلها الاجماع ، فهذا الذي أوردته هذيان وقدتقدم إبطاله. فقال السائل : هب إنا سلمنا صحة الخبر ما أنكرت أن لايفيد ما ادعيت من فضل أمير المؤمنين عليهالسلام على الجماعة؟ وذلك أن المعنى فيه : اللهم ائتني بأحب خلقك
__________________
(١) هذا الحديث مما رواه الخاصة والعامة واخرجوه في كتبهم ، وسيأتى في كتاب الفضائل مع اسانيده.
(٢) في المصدر : ولم يك اميرالمؤمنين عليهالسلام بالذى يحتج بباطل.
(٣) هذا الحديث مما تلقته الخاصة والعامة بالقبول واخرجوه في كتبهم ، وسيأتى في كتاب الفضائل مسندا.
(٤) في المصدر : فكيف يجوز بأن يستشهد برواية الكافرين؟
(٥) بل الاعتراض من أطرف الاشياء ، لان المسلم في محله صحة استدلال الخصم في الحجاج بمايراه المستدل عليه صحيحا ، ولا يلزم أن يكون هو عند المستدل ايضا صحيحا.