أن الجاهل بها عن نظر واستدلال خارج عن ربقة الإيمان مستحق للعذاب الدائم . وهو في غاية الإشكال .
نعم يمكن أن يقال : إن مقتضى عموم وجوب المعرفة ، مثل قوله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، أي ليعرفون . وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : وما أعلم بعد المعرفة أفضل من هذه الصلوات الخمس ، بناء على أن الأفضلية من الواجب ، خصوصاً مثل الصلاة ، تستلزم الوجوب .
وكذا عمومات وجوب التفقه في الدين الشامل للمعارف بقرينة استشهاد الإمام عليهالسلام بها ، لوجوب النفر لمعرفة الإمام بعد موت الإمام السابق عليهالسلام وعمومات طلب العلم هو وجوب معرفة الله جل ذكره ومعرفة النبي صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام ومعرفة ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على كل قادر يتمكن من تحصيل العلم ، فيجب الفحص حتى يحصل اليأس ، فإن حصل العلم بشئ من هذه التفاصيل اعتقد وتدين به ، وإلا توقف ولم يتدين بالظن لو حصل له .
ومن هنا قد يقال : إن الإشتغال بالعلم المتكفل لمعرفة الله ومعرفة أوليائه صلوات الله عليهم أهم من الإشتغال بعلم المسائل العلمية بل هو المتعين ، لأن العمل يصح عن تقليد ، فلا يكون الإشتغال بعلمه إلا كفائياً بخلاف المعرفة .
هذا ، ولكن الإنصاف ممن جانب الإعتساف يقتضي الإذعان بعدم التمكن من ذلك إلا للأوحدي من الناس ، لأن المعرفة المذكورة لا تحصل إلا بعد تحصيل قوة استنباط المطالب من الأخبار وقوة نظرية أخرى لئلا يأخذ بالأخبار المخالفة للبراهين العقلية ، ومثل هذا الشخص مجتهد في الفروع قطعاً ، فيحرم عليه التقليد . ودعوى جوازه له للضرورة ليس بأولى من دعوى جواز ترك الإشتغال بالمعرفة التي لا تحصل غالباً بالأعمال المبتنية على التقليد .
هذا إذا لم يتعين عليه الإفتاء والمرافعة لأجل قلة المجتهدين . وأما في مثل زماننا فالأمر واضح .