قال : لا إلا المستضعفين . قلت : من هم قال : نساؤكم وأولادكم . قال : أرأيت أم أيمن ! فإني أشهد أنها من أهل الجنة ، وما كانت تعرف ما أنتم عليه .
فإن في قوله ( ما جهلت شيئاً ) دلالة واضحة على عدم اعتبار الزائد في أصل الدين . والمستفاد من الأخبار المصرحة بعدم اعتبار معرفة أزيد مما ذكر فيها في الدين ، وهو الظاهر أيضاً من جماعة من علمائنا الأخيار كالشهيدين في الألفية وشرحها ، والمحقق الثاني في الجعفرية ، وشارحها وغيرهم ، وهو أنه يكفي في معرفة الرب التصديق بكونه موجوداً وواجب الوجود لذاته والتصديق بصفاته الثبوتية الراجعة إلى صفتي العلم والقدرة ونفي الصفات الراجعة إلى الحاجة والحدوث ، وأنه لا يصدر منه القبيح فعلاً أو تركاً .
والمراد بمعرفة هذه الأمور ركوزها في اعتقاد المكلف ، بحيث إذا سألته عن شئ مما ذكر أجاب بما هو الحق فيه ، وإن لم يعرف التعبير عنه بالعبارات المتعارفة على ألسنة الخواص .
ويكفي في معرفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم معرفة شخصه بالنسب المعروف المختص به ، والتصديق بنبوته وصدقه ، فلا يعتبر في ذلك الإعتقاد بعصمته ، أعني كونه معصوماً بالملكة من أول عمره إلى آخره . قال في المقاصد العلية : ويمكن اعتبار ذلك ، لأن الغرض المقصود من الرسالة لا يتم إلا به ، فينتفي بالفائدة التي باعتبارها وجب إرسال الرسل . وهو ظاهر بعض كتب العقائد المصدرة بأن من جهل ما ذكروه فيها فليس مؤمناً مع ذكرهم ذلك ، والأول غير بعيد عن الصواب . انتهى .
أقول : والظاهر أن مراده ببعض كتب العقائد هو الباب الحادي عشر للعلامة قدسسره حيث ذكر تلك العبارة ، بل ظاهره دعوى إجماع العلماء عليه .
نعم يمكن أن يقال :
إن معرفة ما عدا النبوة واجبة بالإستقلال على من هو متمكن منه بحسب الإستعداد وعدم الموانع ، لما ذكرنا من عمومات وجوب التفقه وكون المعرفة أفضل من الصلوات الواجبة ، وأن الجهل بمراتب سفراء الله جل ذكره مع