الآيات نافعة إنما هو لأن معرفة الآيات بما هي آيات موصلة إلى معرفة الله سبحانه وأسمائه وصفاته وأفعاله ، ككونه تعالى حياً لا يعرضه موت ، وقادراً لا يشوبه ، عجز وعالماً لا يخالطه جهل ، وأنه تعالى هو الخالق لكل شئ ، والمالك لكل شئ ، والرب القائم على كل نفس بما كسبت ، خلق الخلق لا لحاجة منه إليهم بل لينعم عليهم بما استحقوه ، ثم يجمعهم ليوم الجمع لا ريب فيه ، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى .
وهذه وأمثالها معارف حقة ، إذا تناولها الإنسان وأتقنها مثلت له حقيقة حياته وأنها حياة مؤبدة ذات سعادة دائمة أو شقوة لازمة ، وليست بتلك المتهوسة المنقطعة اللاهية اللاغية .
وهذا موقف علمي يهدي الإنسان إلى تكاليف ووظائف بالنسبة إلى ربه وبالنسبة إلى أبناء نوعه في الحياة الدنيا والحياة الآخرة ، وهي التي نسميها بالدين ، فإن السنة التي يلتزمها الإنسان في حياته ولا يخلو عنها حتى البدوي والهمجي إنما يضعها ويلتزمها أو يأخذها ويلتزمها لنفسه من حيث أنه يقدر لنفسه نوعاً من الحياة أي نوع كان ، ثم يعمل بما استحسنه من السنة لإسعاد تلك الحياة ، وهذا من الوضوح بمكان .
فالحياة التي يقدرها الإنسان لنفسه تمثل له الحوائج المناسبة لها فيهتدي بها إلى الأعمال التي تضمن عادة رفع تلك الحوائج فيطبق الإنسان عمله عليها ، وهو السنة أو الدين .
فتلخص مما ذكرنا أن النظر في الآيات الأنفسية والآفاقية ومعرفة الله سبحانه بها يهتدي الإنسان إلى التمسك بالدين الحق والشريعة الإلۤهية ، من جهه تمثيل المعرفة المذكورة الحياة الإنسانية المؤبدة له عند ذلك ، وتعلقها بالتوحيد والمعاد والنبوة .
وهذه الهداية إلى الإيمان
والتقوى يشترك فيها الطريقان معاً ، أعني طريقي النظر إلى الآفاق والأنفس ، فهما نافعان جميعاً ، غير أن النظر إلى آيات النفس أنفع فإنه
لا يخلو من العثور على ذات النفس وقواها وأدواتها الروحية والبدنية وما يعرضها من