شئ دونها ، فوجدت أنها دائماً في خلأ مع ربها وإن كانت في ملأ من الناس .
وعند ذلك تنصرف عن كل شیء وتتوجه إلى ربها وتنسى كل شئ ، وتذكر ربها فلا يحجبه عنها حجاب ، ولا تستتر عنه بستر ، وهو حق المعرفة الذي قدر للانسان .
وهذه المعرفة الأحرى بها أن تسمى بمعرفة الله بالله . . . .
وأما المعرفة الفكرية التي يفيدها النظر في الآيات الآفاقية سواء حصلت من قياس أو حدس أو غير ذلك ، فإنما هي معرفة بصورة ذهنية عن صورة ذهنية ، وجل الإلۤه أن يحيط به ذهن أو تساوي ذاته صورة مختلقة اختلقها خلق من خلقه ، ولا يحيطون به علما .
وقد روى في الإرشاد والإحتجاج على ما في البحار عن الشعبي عن أمير المؤمنين عليهالسلام في كلام له : إن الله أجل من أن يحتجب عن شئ أو يحتجب عنه شئ . وفي التوحيد عن موسى بن جعفر عليهالسلام في كلام له : ليس بينه وبين خلقه حجاب غير خلقه ، احتجب بغير حجاب محجوب ، واستتر بغير ستر مستور ، لا إلۤه إلا هو الكبير المتعال . وفي التوحيد مسنداً عن عبد الأعلى عن الصادق عليهالسلام في حديث : ومن زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال ، فهو مشرك ، لأن الحجاب والصورة والمثال غيره ، وإنما هو واحد موحد ، فكيف يوحد من زعم أنه يوحده بغيره ! إنما عرف الله من عرفه بالله فمن لم يعرفه به فليس يعرفه ، إنما يعرف غيره . . الحديث . والأخبار المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهالسلام في معنى ما قدمناه كثيرة جداً لعل الله يوفقنا لإيرادها وشرحها في ما سيأتي إن شاء الله العزيز من تفسير سورة الأعراف .
فقد تحصل أن النظر في آيات الأنفس أنفس وأغلى قيمةً ، وأنه هو المنتج لحقيقه المعرفة فحسب ، وعلى هذا فعده عليهالسلام إياها أنفع المعرفتين لا معرفة متعينة إنما هو لأن العامة من الناس قاصرون عن نيلها ، وقد أطبق الكتاب والسنة وجرت السيرة الطاهرة النبوية وسيرة أهل بيته الطاهرين على قبول من آمن بالله عن نظر آفاقي وهو النظر الشائع بين المؤمنين . فالطريقان نافعان جميعاً ، لكن النفع في طريق النفس أتم وأغزر .