صنعه ، إلى غير ذلك من علل وجود السرير .
ومن الحري بهذا النوع من معرفة النفس أن يسمى كهانة بما في ذيله من الحصول على شئ من علوم النفس وآثارها .
وطائفة منهم يقصدون طريقة معرفة النفس لتكون ذريعة لهم إلى معرفة الرب تعالى ، وطريقتهم هذه هي التي يرتضيها الدين في الجملة وهي أن يشتغل الإنسان بمعرفة نفسه بما أنها آية من آيات ربه وأقرب آية ، وتكون النفس طريقاً مسلوكاً والله سبحانه هو الغاية التي يسلك إليها ، وأن إلى ربك المنتهى .
وهؤلاء طوائف مختلفة ذووا مذاهب متشتتة في الأمم والنحل ، وليس لنا كثير خبرة بمذاهب غير المسلمين منهم وطرائقهم التي يسلكونها . وأما المسلمون فطرقهم فيها كثيرة ربما انهيت بحسب الأصول إلى خمس وعشرين سلسلة ، تنشعب من كل سلسلة منها سلاسل جزئية أخر ، وقد استندوا فيها إلا واحدة ، إلى علي عليه أفضل السلام .
وهناك رجال منهم لا ينتمون إلى واحدة من هذه السلاسل ويسمون الأويسية نسبة إلى أويس القرني ، وهناك آخرون منهم لا يتسمون بإسم ولا يتظاهرون بشعار .
ولهم كتب ورسائل مسفورة ترجموا فيها عن سلاسلهم وطرقهم والنواميس والآداب التي لهم عن رجالهم ، وضبطوا فيها المنقول من مكاشفاتهم ، وأعربوا فيها عن حججهم ومقاصدهم التي بنوها عليها ، من أراد الوقوف عليها فليراجعها .
وأما البحث عن تفصيل الطرق والمسالك وتصحيح الصحيح ونقد الفاسد ، فله مقام آخر ، وقد تقدم في الجزء الخامس من هذا الكتاب بحث لا يخلو عن نفع في هذا الباب ، فهذه خلاصة ما أردنا إيراده من البحث المتعلق بمعنى معرفة النفس .
واعلم أن عرفان النفس بغية عملية لا يحصل تمام المعرفة بها إلا من طريق السلوك العملي دون النظري .
وأما علم النفس الذي
دَوَّنه أرباب النظر من القدماء فليس يغني من ذلك شيئاً ،