تلك الأزمان كانوا بطانة للصادق والكاظم والباقر عليهمالسلام وملازمين لهم ومتمسكين بهم ، ومظهرين أن كل شيء يعتقدونه وينتحلونه ويصححونه أو يبطنونه فعنهم تلقوه ومنهم أخذوه ، فلو لم يكونوا عنهم بذلك راضين وعليه مقرين لأبوا عليهم نسبة تلك المذاهب إليهم وهم منها بريئون خليون ، ولنفوا ما بينهم من مواصلة ومجالسة وملازمة وموالاة ومصافاة ومدح وإطراء وثناء ، ولأبدلوه بالذم واللوم والبراءة والعداوة ، فلو لم يكونوا عليهمالسلام لهذه المذاهب معتقدين وبها راضين لبان لنا واتضح ، ولو لم يكن إلا هذه الدلالة لكفت وأغنت . وكيف يطيب قلب عاقل أو يسوغ في الدين لأحد أن يعظم في الدين من هو على خلاف ما يعتقد أنه الحق وما سواه باطل ، ثم ينتهي في التعظيمات والكرامات إلى أبعد الغايات وأقصى النهايات ، وهل جرت بمثل هذا عادة أو مضت عليه سنة ؟
أو لا يرون أن الإمامية لا تلتفت إلى من خالفها من العترة وحاد عن جادتها في الديانة ومحجتها في الولاية ، ولا تسمح له بشئ من المدح والتعظيم فضلاً عن غايته وأقصى نهايته ، بل تتبرأ منه وتعاديه وتجريه في جميع الأحكام مجري من لا نسب له ولا حسب له ولا قرابة ولا علقة . وهذا يوقظ على أن الله خرق في هذه العصابة العادات وقلب الجبلات ، ليبين من عظيم منزلتهم وشريف مرتبتهم . وهذه فضيلة تزيد على الفضائل وتربى على جميع الخصائص والمناقب ، وكفى بها برهاناً لائحاً وميزاناً راجحاً ، والحمد لله رب العالمين . انتهى .
ملاحظة : نعرف قوة استدلال الشريف الرضي قدس الله نفسه عندما نلاحظ أن نيشابور كانت مركزاً للعلماء والمذاهب المخالفة لأهل البيت عليهمالسلام فمنها أئمة الحديث وأساتيذ أصحاب الصحاح والشخصيات العلمية السنية . بل كانت الى القرن السادس العاصمة العلمية للسنة ، ومع ذلك كانت تخرج كلها لزيارة قبر الإمام الرضا عليهمالسلام في طوس ، كل سنة بقوافل كقوافل الحج ! ! ولا يتسع المقام للتفصيل .