وقال الشيخ محمد عبده في شرح قوله عليهالسلام ليستأدوهم ميثاق فطرته : كأن الله تعالى بما أودع في الإنسان من الغرائز والقوى ، وبما أقام له من الشواهد وأدلة الهدى قد أخذ عليه ميثاقاً بأن يصرف ما أوتي من ذلك فيما خلق له ، وقد كان يعمل على ذلك الميثاق ولا ينقضه لولا ما اعترضه من وساوس الشهوات ، فبعث إليه النبيين ليطلبوا من الناس أداء ذلك الميثاق ، أي ليطالبوهم بما تقتضيه فطرتهم وما ينبغي أن تسوقهم إليه غرائزهم .
دفائن العقول : أنوار العرفان التي تكشف للإنسان أسرار الكائنات ، وترتفع به إلى الإيقان بصانع الموجودات ، وقد يحجب هذه الأنوار غيوم من الأوهام وحجب من الخيال ، فيأتي النبيون لإثارة تلك المعارف الكامنة وإبراز تلك الأسرار الباطنة .
ـ وقال الراغب الإصفهاني في المفردات ص ١٧٩
الذكر : تارة يقال ويراد به هيئة للنفس بها يمكن للإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة ، وهو كالحفظ إلا أن الحفظ يقال اعتباراً بإحرازه ، والذكر يقال اعتباراً باستحضاره ، وتارة يقال لحضور الشيء القلب أو القول ، ولذلك قيل الذكر ذكران : ذكر بالقلب وذكر باللسان ، وكل واحد منهما ضربان ، ذكر عن نسيان وذكر لا عن نسيان بل عن إدامة الحفظ . وكل قول يقال له ذكر .
فمن الذكر باللسان قوله تعالى : لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ، وقوله تعالى : وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ ، وقوله : هَٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ، وقوله : أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا ، أي القرآن ، وقوله تعالى : ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ . . . .
ومن الذكر عن النسيان قوله : فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ .
ومن الذكر بالقلب واللسان معاً قوله تعالى : فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ، وقوله : فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ . . . .
والذكرى : كثرة الذكر وهو أبلغ من الذكر ، قال تعالى : رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ، وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ . . . .