هي موطن التكليف والعمل ووكلتنا إلى عقولنا ، فعرف ربوبيتك من عرفها بعقله وأنكرها من أنكرها بعقله ، كل ذلك بالإستدلال ، فما ذنبنا في ذلك وقد نزعت منا عين المشاهدة وجهزتنا بجهاز شأنه الإستدلال وهو يخطيء ويصيب .
٦ ـ أن الآية لا صراحة لها فيما تدل عليه الروايات لإمكان حملها على التمثيل ، وأما الروايات فهي إما مرفوعة أو موقوفة ولا حجية فيها .
هذه جملة ما أوردوه على دلالة الآية وحجية الروايات ، وقد زيفها المثبتون لنشأة الذر وهم عامة أهل الحديث وجمع من غيرهم من المفسرين بأجوبة :
فالجواب عن الأول ، أن نسيان الموقف وخصوصياته لا يضر بتمام الحجة وإنما المضر نسيان أصل الميثاق وزوال معرفة وحدانية الرب تعالى وهو غير منسي ولا زائل عن النفس ، وذلك يكفي في تمام الحجة ، ألا ترى أنك إذا أردت أن تأخذ ميثاقاً من زيد فدعوته إليك وأدخلته بيتك وأجلسته مجلس الكرامة ثم بشرته وأنذرته ما استطعت ولم تزل به حتى أرضيته فأعطاك العهد وأخذت منه الميثاق ، فهو مأخوذ بميثاقه مادام ذاكراً لأصله وإن نسي حضوره عندك ودخوله بيتك وجميع ما جرى بينك وبينه وقت أخذ الميثاق ، غير أصل العهد .
والجواب عن الثاني ، أن الإمتناع من تجويز نسيان الجمع الكثير لذلك مجرد استبعاد من غير دليل على الإمتناع ، مضافاً إلى أن أصل المعرفة بالربوبية مذكور غير منسي كما ذكرنا وهو يكفي في تمام الحجة ، وأما حديث التناسخية فليس الدليل على امتناع التناسخ منحصراً في استحالة نسيان الجماعة الكثيرة ما مضى عليهم في الخلق الأول ، حتى لو لم يستحل ذلك صح القول بالتناسخ ، بل لإبطال القول به دليل آخر كما يعلم بالرجوع إلى محله ، وبالجملة لا دليل على استحالة نسيان بعض العوالم في بعض آخر .
والجواب عن الثالث ،
أن الآية غير ساكتة عن إخراج ولد آدم لصلبه من صلبه فإن قوله تعالى : وَإِذْ
أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ، كاف وحده في الدلالة عليه فإن فرض بني