الإشهاد بإرادة التعريف منه وفي الخطاب بقوله : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ بإرادة دلالة الحال ، وكذا في قوله : قَالُوا بَلَىٰ ، وقوله : شَهِدْنَا ، بل الظرف ظرف سابق على الدنيا وهو غيرها ، والإشهاد على حقيقته والخطاب على حقيقته .
ولا يرد عليه أنه من قبيل تحميل الآية معنى لا تدل عليه ، فإن الآية لا تأبى عنه وسائر الآيات تشير إليه بضم بعضها إلى بعض .
وأما الروايات فسيأتي أن بعضها يدل على أصل تحقق هذه النشأة الإنسانية كالآية ، وبعضها يذكر أن الله كشف لآدم عليهالسلام عن هذه النشأة الإنسانية وأراه هذا العالم الذي هو ملكوت العالم الإنساني وما وقع فيه من الإشهاد وأخذ الميثاق ، كما أرى إبراهيم عليهالسلام ملكوت السماوات والأرض .
رجعنا إلى الآية ، قوله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ ، أي واذكر لأهل الكتاب في تتميم البيان السابق ، أو واذكر للناس في بيان ما نزلت السورة ٢٠ : لأجل بيانه ، وهو أن لله عهداً على الإنسان وهو سائله عنه وأن أكثر الناس لا يفون به وقد تمت عليهم الحجة ، أذكر لهم موطناً قبل الدنيا أخذ فيه ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم فما من أحد منهم إلا استقل من غيره وتميز منه فاجتمعوا هناك جميعاً وهم فرادى فأراهم ذواتهم المتعلقة بربهم وأشهدهم على أنفسهم فلم يحتجبوا عنه وعاينوا أنه ربهم ، كما أن كل شئ بفطرته يجد ربه من نفسه من غير أن يحتجب عنه ، وهو ظاهر الآيات القرآنية كقوله : وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ . اسراء ـ ٤٤ .
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ، وهو خطاب حقيقي لهم لا بيان حال ، وتكليم إلۤهي لهم فإنهم يفهمون مما يشاهدون أن الله سبحانه يريد به منهم الإعتراف وإعطاء الموثق ، ولا نعني بالكلام إلا ما يلقى للدلالة به على معنى مراد ، وكذا الكلام في قوله : قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا .
وقوله : أَن
تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ ، الخطاب للمخاطبين بقوله ألست بربكم القائلين بلى شهدنا ، فهم هناك يعاينون الإشهاد والتكليم من الله