تركها أربعين صباحاً ، ثم صب عليها الماء المالح الأجاج ، فتركها أربعين صباحاً ، فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركاً شديداً ، فخرجوا كالذر من يمينه وشماله ، وأمرهم جميعاً أن يقعوا في النار ، فدخلها أصحاب اليمين فصارت عليهم برداً وسلاماً ، وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها .
أقول وفي هذا المعنى روايات أخر ، وكأن الأمر بدخول النار كناية عن الدخول حظيرة العبودية والإنقياد للطاعة .
وفيه بإسناده عن عبد الله بن محمد الحنفي وعقبه جميعاً عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن الله عز وجل خلق الخلق ، فخلق من أحب مما أحب ، فكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة ، وخلق من أبغض مما أبغض ، وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار ، ثم بعثهم في الظلال ، فقيل : وأي شئ الظلال قال : ألم تر إلى ظلك في الشمس شئ وليس بشئ ، ثم بعث معهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار بالله ، وهو قوله وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، ثم دعوهم إلى الإقرار فأقر بعضهم وأنكر بعض ، ثم دعوهم إلى ولايتنا ، فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض ، وهو قوله : فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ ، ثم قال أبو جعفر عليهالسلام كان التكذيب ثَمَّ .
أقول : والرواية وإن لم تكن مما وردت في تفسير آية الذر غير أنا أوردناها لاشتمالها على قصة أخذ الميثاق وفيها ذكر الظلال ، وقد تكرر ذكر الظلال في لسان أئمة أهل البيت عليهمالسلام والمراد به كما هو ظاهر الرواية وصف هذا العالم الذي هو بوجه عين العالم الدنيوي وبوجه غيره ، وله أحكام غير أحكام الدنيا بوجه وعينها بوجه ، فينطبق على ما وصفناه في البيان المتقدم .
وفي الكافي وتفسير العياشي عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام كيف أجابوا وهم ذر ؟ قال : جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه ، وزاد العياشي يعني في الميثاق .
أقول وما زاده
العياشي من كلام الراوي ، وليس المراد بقوله جعل فيهم ما إذا