٨ ـ بين علم الكلام والمذهب الكلامي
يتحدث بعض الباحثين في المسائل العقائدية عن الموضوعية والأكاديمية والتجرد عن الذاتية في بحوثهم ، ومع ذلك يقع في الميل والتحيز ، وربما في التجني على من يخالفه !
والإنصاف أن من يختار موضوعاً عقائدياً ويُدَوِّن مسائله ويقدمها للباحثين والقراء ، لا بد أن يكون صاحب هدف ورأي فيها . . ولا عيب على باحثٍ أن يكون صاحب مذهبٍ في بحثه الكلامي أو الفلسفي أو الفقهي ، مادام أميناً في نقله ، منصفاً في بحثه .
ولا نظن منصفاً ينتقدنا في هذا العمل العقائدي المقارن ، فيقول لماذا عرضتم آراء مذهب أهل البيت مع آراء بقية المذاهب ، مع أن سيرة المؤلفين من السلف أن يهملوا آراء هذا المذهب ، أو يتحاملوا عليه !
فقد مضى عهد الحساسية من أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم ، وآن للباحثين أن يفهموا وجهة نظر أهل بيت نبيهم صلىاللهعليهوآله في عقائد الإسلام .
لقد تربى أكثرنا في المعاهد الدينية بين مصادر علم الكلام والتفسير على سماع آراء عكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والحسن البصري ، ومقاتل ، وابن واصل ، وابن عطاء ، والجبائي ، والأشعري ، والباقلاني ، والطحاوي ، ومن قلدهم من المتأخرين والمعاصرين . . حتى كأنه لا يوجد علم إلا عند هؤلاء ، وكأن بيت نبي هذه الأمة صلی الله عليه وآله قد انطفأ بوفاته إلى الأبد فلم يكن له آلٌ ولا عِتْرة ، وكأن الله تعالى لم يخبر نبيه بأن أهل بيته باقون إلى يوم القيامة ، وبأنهم مرجع الأمة مع القرآن ، كما في الحديث الصحيح :
( إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تاركٌ فيكم الثقلين : كتاب الله عز وجل وعترتي . كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروني بِمَ تخلفوني فيهما ) رواه أحمد في مسنده ج ٣ ص ١٧ وغيره .