ولو صبر لكان أفضل ، فأراد الله لنبيه (ص) أفضل المنازل وأعلاها. انتهى. (١)
أقول : لما كان الظاهر من أكثر الاخبار أنه كان هجرته عن القوم بعد العلم بتوبتهم وصرف العذاب عنهم فيحتمل أن يكون غضبه كناية عن حزنه وأسفه على طلب العذاب لهم ، وخوفه من أن يكذبوه بعد رجوعه إليهم حيث لم يقع ما أخبر به ، وأما قوله تعالى : « فظن أن لن نقدر عليه » فالاكثر على أنه بمعنى التضييق كما مر. وقد قيل فيه وجوه أخر :
الاول : أن يكون هذا من باب التمثيل ، يعني كانت حاله ومثله كحالة من ظن أن لن نقدر عليه في خروجه من قومه من غير انتظار لامر الله. (٢)
والثاني : أن يفسر القدر بالقضاء ، فالمعنى : فظن أن لن نقضي عليه بشدة وهو قول مجاهد وقتادة والضحاك والكلبي ، ورواية العوفي عن ابن عباس ، واختيار الفراء و الزجاج ، ويؤيده أنه قرئ في الشواذ بضم النون وتشديد الدال المكسورة.
والثالث : أن المعنى : فظن أن لن نعمل فيه قدرتنا ، لان بين القدرة والفعل مناسبة فلايبعد جعل أحدهما مجازا عن الآخر.
الرابع : أنه استفهام بمعنى التوبيخ.
ثم اختلفوا في الظلمات فقيل : أي في الظلمة الشديدة المتكاثفة في بطن الحوت ، وقيل : ظلمة الليل والبحر والحوت ، وقيل : كان حوت (٣) في بطن حوت.
٨ ـ ل : الفامي وابن مسرور ، عن ابن بطة ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن حماد ، عن حريز ، عمن أخبره ، عن أبي جعفر (ع) قال : أول من سوهم عليه مريم بنت عمران وهو قول الله تعالى : « وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم » و السهام ستة ، ثم استهموا في يونس لما ركب مع القوم فوقفت السفينة في اللجة فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات ، قال : فمضى يونس إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه فرمى بنفسه. الخبر. (٤)
__________________
(١) تنزيه الانبياء : ١٠٠ و ١٠١.
(٢) كما يقول السلطان فيمن فر من خوفه : إنه ظن أن خرج من سلطاني؟ لا يكون ذلك ، بل هو في قبضتي وسلطاني.
(٣) كذا في النسخ. (٤) الخصال ١ : ٧٥.