وكان فيهم أقل علامات المسلم وهى الاهتمام بأمر اخوانهم المسلمين لانقذوهم من تلك المهالك ، ولو أن ما ينفقه المسلمون في هذه الاحتفالات من الاموال ، وما يبذلونه في المواليد من مصر وغيرها ليس في مولد النبي صلىاللهعليهوآله فحسب بل في مواليد مشايخ الطرق : كالبدري ، والاحمدي ، والدسوقي ، وأمثالهم وما يتفاخرون به من البذخ في السرادق والاضوية الكهربائية والمشروبات الكحولية وغيرها لو تجمع هذه الاموال وترسل الى المشرّدين من عرب فلسطين فتحفظ ما بقى من رمق حياتهم التي اصبحت رهن وطأة الزمهرير والمطر الغزير ، وتمدّهم بالسلاح والعتاد وتحفزهم الى الجهاد ، أما كان خيراً للمسلمين من تلك الاعمال التي ما كان المسلمون يعرفون شيئاً في العصور الاولى ؟ وما تأخّر المسلمون واندحروا وذلّوا الا من العصر الذي شاعت وانتشرت فيه هذه المحدثات التي أماتت العزائم وسلبت من المسلمين كل الحميّة والغيرة ، ولو ان ما يبذله العرب بل عموم المسلمين كل ليلة على الملاهي وفي المقاهي والخمور والفجور والمقامرات يجمعونه لانقاذ فلسطين عوض أن تتسرب تلك الاموال الى جيوب الاجانب والمستعمرين فتعود وبالا علينا وسلاحا للفتك بنا ولو أن الحكومات العربية بل الدول الاسلامية منعت رعاياها من صرف الاموال في تلك الموبقات ، وأنفقتها في تلك المهمّات لحازت الوزن الثقيل بين الامم وسعدت هي ورعاياها.
وأشهد بالله شهادة حق لو كان عند
المسلمين ذرّة من الغيرة والاسلام بمعناه الصحيح لما صبروا وتطامنوا لهذا الذل والصغار وتحمل الخزي والعار ، ولما أبقوا على وجه الارض مهيونيا بذكر ، نعم وما أصدق قوله عليهاالسلام
: « ما كره قوم
طعم الموت الا ذلّوا » ، وزبدة المختصر والحق المحض أن
البلية ما أشعل نارها على فلسطين الا الحكومات العربية ، فهي أصل الداء ، ويجب أن يكون منها الدواء ، ولكني أخشى