ولو شئنا ان نعد الألوف من هذا القبيل لما عجزنا وحينئذ فلابد ان يكون ظهوره عليهالسلام في زمان لايكون في اصلاب الكافرين ودائع نطف المؤمنين حتى لاتضيع باستيصال شافة الكفار. والله سبحانه اعلم بمقاديرها وزمان خلوّ الأصلاب منها.
وقد أشار الى ذلك ، الصادق عليهالسلام في حديث رواه الصدوق في العلل حيث قال : « ان القائم عليهالسلام لن يظهر أبداً حتى يخرج ودائع الله عزوجل ، فاذا خرج ظهر على من ظهر من أعداء الله فقتلهم » ، وبهذا فسرّ قوله تعالى : لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذّضبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١).
وببالى قديما في بعض الكتب أن الحسين عليهالسلام في حملاته يوم الطف يعترضه الفارس من أعدائه فلايضربه بسيفه ، وكذلك أبوه يوم الصفين ، فسئل عن ذلك ؟ فقال : كشف [ لي ] عمّا في صلبه من المؤمنين فتركته ، وفي آية : يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ (٢) كفاية.
__________________
قال ابوحفص الفلاس : ملك اربعين ليلة ثم خلع نفسه ، فانه كان رجالا صالحاً ...
ان معاوية بن يزيد هذا لما اراد خلع نفسه جمع الناس وقال : ايها الناس ضعفت عن امركم فاختاروا من أحببتم ، فقالوا : ولّ اخاك خالداً ، فقال : والله ماذقت حلاوة خلافتكم فلا اتقلد وزرها ثم صعد المنبر فقال : ايها الناس ، ان جدي معاوية نازع الامر أهله ومن هو أحق به منه لقرابته من رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو علي بن ابى طالب ، وركب بكم ما تعلمون حتى أتته منيته ، فصار في قبره رهيناً بذنوبه وأسيراً بخطاياه. ثم قلد أبي الامر فكان غير اهل لذلك ، وركب هواه وأخلفه الامل ، وقصرعنه الاجل. وصار في قبره رهيناً بذنوبه ، واسيراً بجرمه ، ثم بكى حتى جرت دموعه على خديه. ثم قال : ان من اعظم الامور علينا علمنا بسوء مصرعه وبئس منقلبه ، وقد قتل عترة رسول الله صلىاللهعليهوآله واباح الحرم وخرب الكعبة ، وما انا بالمتقلد ولا بالمتحمل تبعاتكم ، فشأنكم امركم ، والله لئن كانت الدنيا خيراً فقد نلنا منها حظاً ، ولئن كانت شراً افكفى ذرية ابى سفيان ما اصابو منها ، الا فليصل بالناس حسان ابن مالك ، وشاوروا في خلافتكم رحمكم الله ، ثم دخل منزله وتغيّب حتى مات في سنته بعد ايام. ـ انظر ، ج ١ ، ص ١٦٣ ـ ١٦٤. ط قاهرة. ( تغري بردي ) لفظ تركي معرب : « تاري وردي » بمعنى ( عطاء الله ).
(١) سورة ٤٨ آية : ٢٥.
(٢) سورة ٦ آية : ٩٥ ـ وغيرها.