تطفّل وفضول بد ما عرفت من أن لله في عباده شئونا لاتدركه العقول ، ونحن حتى الان لم تصل عقولنا الى اسرار خلقتنا وكنه أرواحنا وحقيقة حياتنا : فكيف نحاول معرفة أسرار الملك والملكوت ، والعزة والجبروت ؟ نحن لانستطيع ان نعرف الحكمة في جعل المغرب ثلاثا والعشاء اربعا والصبح اثنين وأمثال ذلك من الأوامر التشريعية فضلا عن الامور التكوينية !! نعم وفي مثل هذه المقررات المجهولة الحكمة سبحانه الراسخين في العلم حيث قال عزّ شأنه : والرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلُّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا (١) مدحهم على الايمان بما جاء من الله عز شأنه وان لم يعرفوا تأويله وحكمته.
وأما قولك : وكيف يمكن أن يظل طيلة هذه المدّة حيّاً ؟! (٢) فهو سؤال غريب
__________________
(١) سورة ٣ آية : ٧.
(٢) لا استبعاد عند العقل والوجدان في طول عمر مولانا الامام المهدى المنتظر ارواحنا فداه فان من هو قادر على حفظ حياة الانسان آناً واحداً ويوما فاراداً يقدر على حفظ تلك الحياة آلافا من السنين ولم يكن ذلك محالا ذاتاً حتى لايتعلق به القذرة نعم هو خارق للعادة وخرق نواميس الطبيعة في شؤون الانبياء واوصيائهم ليس بشيء عجيب وأمر غريب.
على ان القرآن الكريم ينص لنا في قصة يونس عليهالسلام « فلولا انه كان من المسبّحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون » = سورة الصافات آية ١٤١ = وهو في بطن الحيوان « الحوت » في قعر البحر = الاية الشريفة صريحة في ان يونس لولم يكن من المسبّحين لكان يلبث في بطن الحوت على حاله الى يوم يبعث سائر البشر فكيف لايعيش انسان يهتم في رعاية قوانين حفظ الصحة وهو عالم بجميع موجبات سلامة المزاج واستقامة وحفاظة اسباب طول عمره وهو يعيش ويتنعم ويتنفس في الهواء الصافى اللطيف ويتجنب عن الهواء الراكد الكثيف. مع اثبات العلم اليوم امكان الخلود للانسان في الدنيا آلافاً من السنين.
واحتمال ارادة موت يونس بازهاق روحه ولبث جسده في بطن الحوت الى يوم البعث واحيائه عنده مخالف لظاهر الاية الشريفة لايصار اليه مالم يدل عليه دليل ولادليل لنا على خلاف الظاهر وارتكاب الظاهر وارتكاب التأويل. وظواهر القرآن حجة ما لم يدل عليه على خلافها من العقل او النقل.
قال في مجلة المقتطف
ج ٣ سنة (٥٩) : ان العلماء الموثوق بعلمهم يقولون ان كل الانسجة الرئيسية في جسم الحيوان تقبل البقاء الى مالا نهاية له وانه في الامكان ان يبقى الانسان حيّاً
ألوفا من السنين اذا