الحق بالفقير الذي لا يستطيع العمل لعذر من الاعذار أو كان عمله لايفي بمؤونة عياله ، ثمّ حث الناس على الكسب والسعي في توفير المال وأوجبه لتحصيل الرزق له وللعيال ، كما أوجب للعمال دفع حقوقهم موفّرة من أرباب الأموال وعدم بخس ما يستحقّونه من الأجر وأن يدفع للعامل أجرته فوراً قبل أن يجفّ عرقه ، وهذه هي الاشتراكية الصحيحة العادلة السمحاء التي وقعت وسطاً بين افراط الاشتراكية الحمراء وتفريط الرأسمالية القاسية السوداء فلم تسلب الغني حرّيته فيما بيده وما استحصله بجهده كما تسلبه الشيوعية الظالمة التي تسلب بعسفها ، وظلمها أفضل نعم الله على العبد وهو الحرّية ، ولاسلبت الأمل ما يستحقه بعمله من الأجرة ، ولم تبخس حقّه كالرأسمالية و كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً (١) أنظر سعة نظر التشريع الاسلامي وعنايته بسدّ الحاجة وتدراك مواضع الضعف في الامّة فيما فرض من الزكاة وتعيين مصرفها ومستحقّيها فجعل الفقراء والمساكين في الدرجة الأولى ، ثم للعاملين في جبايتها ، ثم للمدينين الذين لا يستطيعون وفاء دينهم ، ثم الأسراء والعبيد وعتقهم ، ثم أبناء السبيل المنقطعين في الغربة والمؤلفة قلوبهم وفي سبيل الله أى المصالح العامة كبناء القناطر والمدارس والمعاهد والمعابد وتعبيد الطرق وامثال ذلك فرض الله الفقراء العاجزين عن تحصيل ما يمونهم وعيالهم لنقص في أبدانهم من مرض ونحوه او عدم مواتاة الحظ لهم ( ان صح أنّ شيئا يسمّى الحظ له شيء من التأثير في المقادير ).
نعم فرض الله الزكاة وقرنها بالصلاة اهتماما بها في زهاء عشرين آية متفرقة أَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ أربع منها في سورة البقرة (٢) ثم تكرّرت في عامّة سور
__________________
(١) سورة البقرة آية : ١٤٣.
(٢) سورة البقرة آية : ٤٣ ـ ٨٣ ـ ١١٠ ايضاً سورة البقرة آية : ١٧٧ ( أقام الصلاة وآتى الزكاة ) سورة البقرة آية : ٢٧٧ ( أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ).