إلى لغة أخرى ، وإذا روي في الترجمة كل ذلك فمن الراجح أن تنقل حقائق القرآن ومفاهيمه إلى كل قوم بلغتهم ، لأنها نزلت للناس كافة ولا ينبغي أن تحجب ذلك عنهم لغة القرآن ما دامت تعاليمه وحقائقه لهم جميعا (١).
والخوئي بهذا يؤكد بدقة على نقل مفاهيم القرآن وحقائقه ، دون ألفاظه وتراكيبه ، لأن الترجمة ستصطدم بالمشكلات البلاغية.
وقد تعاقبت على القرآن الكريم ـ على المستوى التطبيقي ـ ترجمات متعددة بلغات متعددة ، بلغت العشرات ، منذ عام ١١٤١ م إلى عصرنا الحاضر ، وهي تختلف باختلاف ثقافة المترجم ، ودقة تحريه للأنسب وقد حاولت في أغلبها أن تقرب أصول المعاني وجملة المفاهيم إلى الأذهان ، وليس من اليسير أن ينبري أفراد أو جماعات ، لغتهم الأصلية غير اللغة العربية ، لترجمة أعظم نص عربي ، اتسم ببلاغته الفائقة ، وأقدس كتاب عند المسلمين رأوا إعجازه في نظمه وتأليفه ، وسحره في أسلوبه وجودة تعبيره. لذا فالترجمة للقرآن تعني تمرس المترجم بكثير من فنون البيان وطائفة من أساليب القول ، واضطلاع في اللغة والبلاغة وكفاية في دلالة المفردات (٢).
وقد بلغت الترجمات الانجليزية ـ التي ستكون مجالا للتطبيق والاستشهاد فيما بعد ـ حدا جديرا بالتأمل والاعتداد ، ورقما يدعو إلى البحث والمدارسة ، إذ تجاوزت ثلاثا وستين ترجمة حتى عام ١٩٧٢ م كما يحدد ذلك بعض الباحثين (٣).
وأهمية هذه الترجمات تنطلق من مبدأ يقول : ان الترجمات المتعددة للأثر الواحد في اللغة الواحدة ، هي في الحق نوافذ كثيرة مفتوحة على المعاني التي يتضمنها الأصل المترجم ، وكلما كثرت هذه النوافذ كان الاستمتاع بالأصل أكثر ، وبلوغ الفهم إليه أقرب (٤).
__________________
(١) الخوئي. البيان : ٥٠٥ وما بعدها.
(٢) ظ : المؤلف ، المستشرقون والدراسات القرآنية : ٤٧.
(٣) الندوى ، ترجمات معاني القرآن الكريم : ٣٣.
(٤) ظ : محمد عبد الغني حسن ، فن الترجمة في الأدب العربي : ١٠٢.