نزل به الوحي عربي ، وهو يبلغه إلى طوائف العرب ، وهم يترجمونه لغير العرب بألسنتهم » (١).
ومن هنا تبدو أهمية الترجمة القرآنية لأنها مستمدة من أهمية القرآن نفسه ، فالقرآن كتاب هداية وتشريع يتسم بصيغته الشمولية ، فهو يتخطى المناخ الجغرافي والتاريخي والإقليمي بحياة الإنسانية ، ليلقي بتعاليمه إلى الناس كافة ، وينفذ برنامجه في هداية البشر وتشريع الأحكام وكلما ضقنا بحدود ترجمة مفاهيمه ذرعا ، وحاولنا الوقوف بمسيرتها ، كلما قمنا بتحديد مهمة القرآن في رسالته ، وقيدنا وظيفته دون مسوغ.
قال الخوئي : لقد بعث الله نبيه لهداية الناس معزّزة بالقرآن ، وفيه كل ما يسعدهم ويرقى بهم إلى مراتب الكمال ، وهذا لطف من الله لا يختص بقوم دون قوم بل يعم البشر عامة. وقد شاءت حكمته البالغة أن ينزل قرآنه العظيم على نبيه بلسان قومه ، مع أن تعاليمه عامة وهدايته شاملة ولذلك فمن الواجب أن يفهم القرآن كل أحد ليهتدي به.
ولا شك أن ترجمته مما يعين على ذلك ، ولكنه لا بد وأن تتوفر في الترجمة براعة وإحاطة كاملة باللغة التي ينقل منها القرآن إلى غيرها لأن الترجمة مهما كانت متقنة لا تفي بمزايا البلاغة التي امتاز بها القرآن بل ويجري ذلك في كل كلام ، إذ لا يؤمن أن تنتهي الترجمة إلى عكس ما يريد الأصل.
ولا بد ـ إذن ـ في ترجمة القرآن من فهمه ، وينحصر فهمه في أمور ثلاثة :
١ ـ الظهور اللفظي الذي تفهمه العرب الفصحاء.
٢ ـ حكم العقل الفطري السّليم.
٣ ـ ما جاء من المعصوم في تفسيره.
وعلى هذا تتطلب إحاطة المترجم بكل ذلك لينقل منها معنى القرآن
__________________
(١) ظ : ابن الخطيب ، الفرقان : ٢٢٢.