وإذا كانت هذه المشكلات تعترض أي نص أدبي ذي قيمة وأهمية فهي تنجلي بأبرز مظاهرها في ترجمة القرآن الكريم ، لتشكل عقبة فنية في طريق الترجمة المتكاملة وذلك لمؤشرات تختص بالقرآن الكريم دون سواه ، يمكن إجمالها بما يأتي :
١ ـ إن القرآن الكريم نزل بلغة يحتمل لفظها الواحد ، أو أكثر ألفاظها ، أكثر من معنى وأشمل من تفسير ، مما يفتح حياة متميزة في العقلية اللغوية ، تتسع لكثير من الاجتهادات والدرايات والمعارف.
٢ ـ إن القرآن الكريم قد تمخض عن أصول تعبيرية جديدة أقامت البيان العربي على مخزون جديد من الفن القولي ، فكان مصدرا جديدا للتراث في اللغة والبيان ، ووقف الناس حيارى أمام بلاغته ، ولم يخضع بمفهومه لمقاييس النقد الأدبي في إصدار الأحكام وتحديد الخصائص ، واعتبارات النصوص.
٣ ـ إن القرآن قد اشتمل على ثقافة موسوعية على نحو خاص من العرض والمعالجة والتشريع ، فقد تحدث عن الأحوال الشخصية في الزواج والطلاق والنفقة والمواريث والوصايا والحدود والديات والجروح والقصاص بما لا عهد به لأعرق الأمم تاريخا ، وأعمقها ثقافة ، وترجمة ما تقدم يعني الخوض في اصطلاحات لا قبل المترجمين على استيعابها بشكلها الدقيق.
٤ ـ إن القرآن الكريم لو فصل موضوعيا وبيانيا لوجدناه قد اشتمل على المحكم من الآيات والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، والمجمل والمفصل والمبهم والمبين ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والظاهر وما وراء الظاهر ، فيد الله ، وعينه ، ووجهه ، وعرشه ، وكرسيه ، واستواؤه ومجيئه ، والحروف المتقطعة في أوائل السور ، كل أولئك مما يحتاج إلى الكشف والإيضاح في اللغة الأم فضلا عن اللغة المترجم إليها. والألفاظ المتلاحقة في الأصل التكويني للإنسان ، كالحمإ ، والحمأ المسنون ، والفخار ، والتراب ، والطين ، والطين اللازب مما يدعو إلى التفسير والترتيب لئلا يقع المترجم في احتمال التناقض ، فإذا استقبلنا الإشارات البلاغية التي لا يستطيع استخراج كنوزها إلا من أوتي نصيبا كبيرا من