بعد هذه الجولة المضنية بين آثار هذه الطبقة الممتازة من الباحثين نستطيع أن نقول إننا توصلنا إلى بعض الحقائق والمؤشرات ، يمكن التأكيد على أهمها بما يلي :
١ ـ إن جميع هذه البحوث التي أشرنا إليها ، وناقشنا جملة منها ، يتسم بعضها بالايجاز والاختصار أحيانا ، ويتسم البعض الآخر بالسرد وتهويل الموضوع ، ويتصف قسم ضئيل منها بالسطحية أو الحقد على الإسلام. وهذا وذاك لا يمانع أن يكون القسم الأوفر منها راقيا ومتفقا على النهج الموضوعي للبحوث الأصيلة كما يتضح ذلك من خلال المناقشة والعرض.
٢ ـ إن ما بحث من قبل المستشرقين يمثل جزءا من البحوث القرآنية لا كلها ، بل أن العديد من البحوث قد أغفل إلى حدّ ما ، فالجانب البلاغي والنقدي واللغوي والنظم القرآني وحسن التأليف قد بدا متضائلا بالنسبة لغيره ، وكذلك الحال بالنسبة إلى التفسير الكلي للقرآن فيما عدا الترجمة التي اعتبر قسم منها تفسيرا للمفردات ؛ وفيما عدا هذا كان التركيز حول موضوعات اعتبرت مهمة من وجهة نظر استشراقية وقد لا تعتبر كذلك عند العرب والمسلمين.
٣ ـ إن الغرض العلمي للاستشراق بوجه عام ـ فيما يبدو ـ هو الهدف المركزي الذي جند طاقات المستشرقين دون الأهداف الهامشية الأخرى التي قد لا تشكل داعيا نهائيا وحتميا عند أغلب المستشرقين ، وهذا لا ينزه قسما منهم بدا انحرافهم واضحا من خلال المرور بفقرات من عباراتهم الآنفة المناقشة.