وكيف تنطبق كونيا ، وكيف عولجت قرآنيا؟ وما هو سبيل معرفتها جوهريا عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ وعند الناس؟ وكيف آمن به بكل قوة ويقين وآمن بها من حوله؟
وللإجابة عن هذه الافتراضات ، لا بدّ من رصد جديد لهذه الأبعاد كافة ، وقد يرى ذلك غريبا في تاريخ القرآن ، ولكن نظرة تمحيصية خاطفة ، تؤصل حقيقة هذا المناخ ، وتؤكد ضرورة هذا المنهج ، لأن الوحي يشكل بعدا زمنيا معينا يقترن بنزول القرآن ، وذلك أول تأريخ القرآن ، ويستمر معه بوحي القرآن متكاملا ، وكل ذلك تفصيلات تاريخ القرآن في عهد الرسالة ، وهو الجزء المهم والأساس في هذا التاريخ.
وباستعراض هذه الافتراضات سوف نلمس النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عبدا مأمورا محتسبا ، ينفذ ولا يسأل ، ويبلغ ولا يضيف ، مهمته التلقي والأداء مستقلا بذاته ، منفصلا عن ظاهرته ، ويبقى الجمع بين حياته العامة والخاصة من اختصاصه بتوجيه من الله تعالى ، وبعناية من وحيه ، فلا تعارض بينهما فيرتفع بذلك ما أثرناه مسبقا ، ويتلاشى الأشكال بهذا الملحظ ، مع أننا نلمس بشكل جاد أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد وهب حياته للوحي ، مبلغا أمينا ورسولا كريما ، إلا أن شخصيته حقيقة ، والوحي حقيقة أخرى ، وهذا ما ندأب إلى إثباته علميا.
ان ما يذهب إليه بعض المستشرقين من أن ظاهرة الوحي ، قد يراد بها المكاشفة ، وقد يعبر عنها بالوحي النفسي تارة ، أو الإلهام المطلق تارة أخرى ، دون تحديد مميز ، لا يتوافق مبدئيا مع دراسة النهج الموضوعي لظاهرة الوحي. ان كلمة الإلهام ليس لها أي مدلول نفسي محدد ، مع أنها مستخدمة عموما لكي ترد معنى الوحي إلى ميدان علم النفس. والوحي النفسي يدور حول معرفة مباشرة لموضوع قابل للتفكير ، والوحي الإلهي يجب أن يأخذ معنى المعرفة التلقائية والمطلقة لموضوع لا يشغل التفكير ، وأيضا غير قابل للتفكير.
والمكاشفة لا تنتج عند صاحبها يقينا كاملا ، ويقين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالوحي قد كان كاملا ، مع وثوقه بأن المعرفة للوحي بها غير شخصية ، وطارئة