والروح الأمين هو جبرئيل عليهالسلام بإجماع الأمة والروايات ؛ قال الطبرسي ( ت : ٥٤٨ ه ) « يعني جبرئيل عليهالسلام ؛ وهو أمين الله لا يغيره ولا يبدله .. لأن الله تعالى يسمعه جبرئيل فيحفظه : وينزل به على الرسول ويقرؤه عليه ، فيعيه ويحفظه بقلبه ؛ فكأنه نزل به على قلبه » (١).
وهذا صريح يكفيه تلقي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للقرآن من جبرئيل عليهالسلام على قلبه تثبيتا وحفظا ورعاية ؛ والقلب أشرف الأعضاء للتدبر والتفكر أن أريد به هذا الجهاز العضلي ؛ وإلا فهو الإدراكات النفسية الخاصة لدى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المستعدة للتلقي والصيانة والاستيعاب دون ريب. وكان ما نزل به جبرئيل عليهالسلام بإيحاء من الله تعالى هو النص الصريح من الوحي القرآنى دون زيادة أو نقصان ؛ بألفاظه المدونة في المصحف من ألفه إلى يائه.
ولما كان الأمر كذلك ؛ فقد تحدث هذا النص المحفوظ بين الدفتين عن ظاهرة الوحي بوحي القرآن وسواه ؛ وطرقها ؛ وكيفيتها ؛ وأقسامها ومن الضروري حقا استعراض مختلف أنشطة الموضوع من القرآن نفسه مع الاستعانة باللغة حينا ، وبالتبادر العربي العام حينا آخر ، لأن القرآن عربي ، والتبادر علامة الحقيقة.
لقد صرحت الآية :
( وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) ) (٢).
بطرق الوحي الالهي ؛ وحددت كيفية هذا الوحي ؛ ومراتب إيصاله على النحو الآتي :
١ ـ الوحي :
وأصل الوحي هو : الإشارة السريعة على سبيل الرمز والتعريض ؛ وما جرى مجرى الإيماء والتنبيه على الشيء من غير أن يفصح به (٣).
__________________
(١) الطبرسي : مجمع البيان : ٤ / ٢٠٤.
(٢) الشورى : ٥١.
(٣) قارن في ذلك بين : الراغب ، المفردات : ٥١٥+ الطبرسي ، مجمع البيان : ٥ / ٣٧.