التي قادتني إلى معالي الحظوة عند الله عزوجل ، فنزل بي من وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله ما لم أكن أظن الجبال لو حملته عنوة كانت تنهض به ، فرأيت الناس من أهل بيتي بين جازع لا يملك جزعه ، ولا يضبط نفسه ، ولا يقوى على حمل فادح ما نزل به ، قد أذهب الجزع صبره ، وأذهل عقله ، وحال بينه وبين الفهم والافهام والقول والاستماع ، وسائر الناس من غير بني عبدالمطلب بين معزي يأمر بالصبر ، وبين مساعد باك لبكائهم ، جازع لجزعهم ، وحملت نفسي على الصبر عند وفاته بلزوم الصمت ، والاشتغال بما أمرني به من تجهيزه وتغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه ، ووضعه في حفرته ، وجمع كتاب الله ، وعهده إلى خلقه لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة ، ولا هائج زفرة ، ولا لاذع حرقة ، ولا جزيل مصيبة حتى أديت في ذلك الحق الواجب لله عزوجل ولرسوله صلىاللهعليهوآله علي ، وبلغت منه الذي أمرني به ، واحتملته صابرا محتسبا ، ثم التفت عليهالسلام إلى أصحابه فقال : أليس كذلك؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين(١).
بيان : استنام إليه : سكن. الحظوة بالضم والكسر : المكانة ، والزفرة : التنفس الشديد ويقال : لذع النار الشئ ، أي أحرقته.
١٢ ـ ك : علي بن أحمد الدقاق : عن حمزة بن القاسم ، عن علي بن الجنيد الرازي ، عن أبي عوانة ، عن الحسين بن علي ، عن عبدالرزاق ، عن أبيه عن مثيا(٢) مولى عبدالرحمن بن عوف ، عن عبدالله بن مسعود قال : قلت للنبي صلىاللهعليهوآله : يا رسول الله من يغسلك إذا مت؟ فقال : يغسل كل نبي وصيه ، قلت : فمن وصيك يا رسول الله؟ قال : علي بن أبي طالب ، فقلت : كم يعيش بعدك يا رسول الله ، قال : ثلاثين سنة ، فإن يوشع بن نون وصي موسى عاش من بعده ثلاثين سنة وخرجت عليه صفراء (٣) بنت شعيب زوج موسى فقالت : أنا أحق بالامر منك ، فقاتلها فقتل مقاتلتها(٤) وأسرها فأحسن أسرها ، وإن ابنة أبي بكر ستخرج على علي في كذا وكذا ألفا من امتي ، فيقاتلها فيقتل مقاتلتها(٥) ويأسرها فيحسن أسرها
____________________
(١) الخصال ٢ : ١٧. (٢) هكذا في الكتاب وفيه وهم والصحيح : مينا.
(٣) تقدم في كتاب النبوة ان اسمها صفوراء. (٤ و ٥) في المصدر : مقاتليها.