تعالى هيأ لهم من أثمار حدائق الحقائق ببركة الصادقين من أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم ما لا يحيط به البيان مع كونهم آمنين من فتن الجهالات والضلالات فلما كفروا بتلك النعمة سلبهم الله تعالى إياها فغاب أو خفي عنهم وذهبت الرواة وحملة الأخبار من بينهم أو خفوا عنهم فابتلوا بالآراء والمقاييس واشتبه عليهم الأمور وقل عندهم ما يتمسكون به من أخبار الأئمة الأطهار واستولت عليهم سيول الشكوك والشبهات من أئمة البدع ورءوس الضلالات فصاروا مصداق قوله تعالى : ( وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ) وهذا طريق وسعت عليك لفهم أمثال تلك الأخبار والله يهدي إلى سواء السبيل.
٦ ـ كا : الكافي العدة عن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن زيد الشحام قال : دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليهالسلام فقال يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة فقال هكذا يزعمون فقال أبو جعفر عليهالسلام بلغني أنك تفسر القرآن قال له قتادة نعم فقال له أبو جعفر عليهالسلام بعلم تفسره أم بجهل قال لا بعلم فقال له أبو جعفر عليهالسلام فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت وأنا أسألك قال قتادة سل قال أخبرني عن قول الله عز وجل : في سبإ ( وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) فقال قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله فقال أبو جعفر عليهالسلام نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه (١) قال قتادة اللهم نعم فقال أبو جعفر عليهالسلام ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ويحك يا قتادة ذلك من خرج من
__________________
(١) أي فيه استئصاله وهلاكه.