الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر
______________________________________________________
الذنوب وطالب العلم يطلب ستر ذنب جهله الذي هو رئيس جنود المعاصي بنور العلم ويشركه في هذا الطلب كل من في السماء والأرض وما بينهما ، لأن عقله وفهمه وإدراكه لا يقوم إلا ببدنه ، وبدنه لا يقوم إلا بالغذاء والغذاء لا يقوم إلا بالأرض والسماء والغيم والهواء وغير ذلك ، إذ العالم كله كالشخص الواحد يرتبط البعض منه بالبعض ، فالكل مستغفر له ، ويحتمل وجوها وتعبيرات أخرى ، لا نطيل الكلام بذكرها (١) وعلى التقادير التعبير بلفظة « من » لتغليب ذوي العقول ، أو لأن ما أسند إليها وهو الاستغفار مما يسند إلى ذوي العقول.
__________________
(١) كما قيل إنه يستغفر له الملائكة الموكلة بالسماء والأرض والبحار وحيتانها ، أو يقرأ يستغفر على البناء للمفعول ويقدر قبل « من في السماء » « بعدد » أي بعدد من فيها ، أو يقال لما كانت غاية وجود الإنس والجن المعرفة أو العبادة المستلزمة لها ولو لم يكن التعليم وو التعلم لما بقوا طرفة عين كما دلت عليه الآيات والأخبار وكان بقاء سائر الحيوانات ببركة بقاء العالمين العابدين كما يظهر من الأخبار وكل ذي شعور سواء كان عاقلا أم لا ، يريد بقائه وصلاح حاله وسقوط ما ينجرّ إلى زواله وسوء حاله وكلما يتوقف عليه ذلك المطلوب يكون مرادا ومطلوبا له سواء كان مشعورا به له أم لا فطلب ذلك المطلوب ورغبته وإرادته من الجن والإنس وساير الحيوانات متضمن لطلب ما يتوقف عليه حصول ذلك المطلوب لهم من إبقاء طالب العلم وإصلاح حاله وإن كان من حيث لا يشعر فظهر من هذا أن كل ذي شعور يطلب المغفرة يعني إصلاح الحال الحاصل من ستر الزلات والتجاوز عن السيئات والتثبت على الصراط المستقيم المفضي إلى البقاء والنجاة لطالب العلم وإن كان طلب بعضهم بل كلهم في بعض الأوقات من حيث لا يدرى ثم الملائكة أيضا يستغفرون له بأمره تعالى ولحبهم العلماء ولإرادتهم بقاء ذلك الأنواع ، فكل عاقل كامل من ذوي العقول علويا كان أو سفليا يطلب العلم من حيث يدري ، وكل جاهل ناقص العقل من ذوي العقول وكل ما لا يعقل من حيث لا يدري ( منه ره ).