إلى أقطارها وحيرتهم الضلالة في فيافيها وقفارها فمنهم من سمى جهالة أخذها من حثالة (١) من أهل الكفر والضلالة المنكرين لشرايع النبوة وقواعد الرسالة : حكمة واتخذ من سبقه في تلك الحيرة والعمى أئمة يوالي من والاهم ويعادي من عاداهم ويفدي بنفسه من اقتفى آثارهم ويبذل نفسه في إذلال من أنكر آراءهم وأفكارهم ويسعى بكل جهده في إخفاء أخبار الأئمة الهادية صلوات الله عليهم وإطفاء أنوارهم (ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره) المشركون.
ومنهم عن يسلك مسالك أهل البدع والأهواء المنتمين إلى الفقر والفناء ليس لهم في دنياهم وأخراهم إلا الشقاء والعناء فضحهم الله عند أهل الأرض كما خذلهم عند أهل السماء فهم اتخذوا الطعن على أهل الشرايع والأديان بضاعتهم وجعلوا تحريف العقائد الحقة عن جهاتها وصرف النواميس الشرعية عن سماتها بضم البدع إليها صناعتهم ومنهم من تحير في جهالته يختطفهم شياطين الجن والإنس يمينا وشمالا فهم في ريبهم يترددون عميانا وضلالا فبصر الله نفسي بحمده تعالى هداها وألهمها فجورها وتقواها فاخترت طريق الحق إذ هو حقيق بأن يبتغي واتبعت سبيل الهدى إذ هو جدير بأن يقتفى فنظرت بعين مكحولة بكحل الإنصاف مشفية من رمد العناد والاعتساف إلى ما نزل في القرآن الكريم من الآيات المتكاثرة وما ورد في السنة النبوية من الأخبار المتواترة بين أهل الدراية والرواية من جميع الأمة فعلمت يقينا أن الله تعالى لم يكلنا في شىء من أمورنا إلى آرائنا وأهوائنا بل أمرنا باتباع نبيه المصطفى المبعوث لتكميل كافة الورى وتبيين طرق النجاة لمن آمن واهتدى وأهل بيته الذين جعلهم مصابيح الدجى وأعلام سبيل الهدى وأمرنا في كتابه وعلى لسان نبيه بالرد إليهم والتسليم لهم والكون معهم فقرنهم بالقرآن الكريم وأودعهم علم الكتاب وآتاهم الحكمة وفصل الخطاب وجعلهم باب الحطة وسفينة النجاة وأيدهم بالبراهين والمعجزات وبعد ما غيب الله شمس الإمامة وراء
__________________
(١) بالحاء المهملة والثاء المثلثة : الردى من كل شىء وثفالته.