ثم قرأ ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ) (١).
٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن
______________________________________________________
أحوال الآخرة ، لأنه حينئذ عالم بعلم العيان لا ينفعه التوبة ، ويحتمل أن يكون المراد قبل ظهور أحوال الآخرة ، وبالعالم العالم مطلقا لا بهذا الأمر المخصوص ، ويكون المراد أن الجاهل تقبل توبته في هذه الساعة بخلاف العالم ، فإنه لا بد له من تدارك لما فاته في الجملة ، وهو خلاف المشهور إلا أن تحمل على التوبة الكاملة.
قوله عليهالسلام « إنما التوبة » أي قبول التوبة الذي أوجبه الله على نفسه بمقتضى وعده ، والتوبة هي الرجوع والإنابة ، إذا نسبت إلى الله سبحانه تعدت بعلى ، وإذا نسبت إلى العبد تعدت بإلى ، ومعنى التوبة من العبد رجوعه إلى الله بالطاعة والانقياد بعد عصيانه ، والتوبة من الله رجوعه بالعطف على عبده بإلهامه التوبة أولا ثم قبوله إياها منه آخرا ، فلله توبتان وللعبد واحدة بينهما ، قال الله تعالى ( ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ) (٢) فالتوبة في قوله سبحانه ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ ) من تاب عليه إذا قبل توبته ، إلا أن « على » هذه ليست هي « على » في قولهم : تاب عليه ، وقوله تعالى ( بِجَهالَةٍ ) أي متلبسين بها ، قيل : المراد بالجهالة هنا هي السفاهة التي تلزم المعصية ولذا قيل : من عصى الله فهو جاهل ، وأما قوله سبحانه ( ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ ) فيعني به من قبل أن يشرب في قلوبهم حبه فيتعذر عليهم الرجوع ، وأما الحصر المدلول بلفظة « إنما » فلا ينافي قبولها ممن أخرها إلى قبيل المعاينة كما ورد في الأخبار لأن وجوب القبول غير التفضل به كذا قيل ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله ( مِنْ قَرِيبٍ ) قبل حضور الموت كما يومئ إليه آخر الرواية.
الحديث الرابع ضعيف.
__________________
(١) سورة النساء : ١٧.
(٢) سورة التوبة : ١١٨.